21 - يَقْصِدُ الْفُقَهَاءُ بِاخْتِلاَفِ الدَّارَيْنِ اخْتِلاَفَ الْمَنَعَةِ، وَفَسَّرُوا الْمَنَعَةَ بِالْعَسْكَرِ وَاخْتِلاَفِ الْمَلِكِ وَالسُّلْطَانِ، كَأَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا بِالْهِنْدِ وَلَهُ دَارٌ وَمَنَعَةٌ وَالآْخَرُ فِي التُّرْكِ وَلَهُ دَارٌ وَمَنَعَةٌ أُخْرَى، وَانْقَطَعَتْ بَيْنَهُمَا الْعِصْمَةُ حَتَّى إِنَّ أَحَدَهُمَا يَسْتَحِل قَتْل الآْخَرِ (?) .
وَمِنَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ يَتَوَارَثُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ مَهْمَا اخْتَلَفَتْ دِيَارُهُمْ وَدُوَلُهُمْ وَجِنْسِيَّاتُهُمْ، لأَِنَّ دِيَارَ الإِْسْلاَمِ كُلَّهَا دَارٌ وَاحِدَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (?) ، وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ (?) وَلأَِنَّ وِلاَيَةَ كُل مُسْلِمٍ هِيَ لِلإِْسْلاَمِ وَتَنَاصُرُهُمْ يَكُونُ بِهِ وَلَهُ.
وَالْعِبْرَةُ فِي ذَلِكَ لاِخْتِلاَفِ الدَّارَيْنِ حُكْمًا لاَ حَقِيقَةً، فَإِذَا مَاتَ الْمُسْلِمُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَرِثَهُ أَقَارِبُهُ الْمُسْلِمُونَ الَّذِينَ فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ وَإِنْ وُجِدَ اخْتِلاَفُ الدَّارَيْنِ حَقِيقَةً، لأَِنَّ الْمُسْلِمَ الَّذِي فِي دَارِ الْحَرْبِ هُوَ فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ حُكْمًا، لأَِنَّهُ دَخَل دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ لِيَقْضِيَ غَرَضَهُ ثُمَّ يَعُودَ إِلَى دَارِ الإِْسْلاَمِ فَوُجِدَ اتِّحَادُ الدَّارَيْنِ حُكْمًا. وَالاِخْتِلاَفُ الْحَقِيقِيُّ إِنَّمَا يُعْتَبَرُ إِذَا لَمْ يُعَارِضْهُ اخْتِلاَفٌ حُكْمِيٌّ (?) .
وَكَذَلِكَ لاَ يَمْنَعُ اخْتِلاَفُ الدَّارَيْنِ مِنَ الْمِيرَاثِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَبَعْضِ الْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، فَيَرِثُ غَيْرُ الْمُسْلِمِ قَرِيبَهُ