فَتَقُومُ الأُْجْرَةُ مَقَامَ الرِّزْقِ؛ وَلأَِنَّ إِلْزَامَ الْبَائِنِ بِالإِْرْضَاعِ مَجَّانًا مَعَ انْقِطَاعِ نَفَقَتِهَا عَنِ الأَْبِ مُضَارَّةٌ لَهَا، فَسَاغَ لَهَا أَخْذُ الأُْجْرَةِ بِالرَّضَاعِ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ (?) . وَقَال تَعَالَى: {لاَ تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا (?) } فَإِنْ طَلَبَتِ الأُْمُّ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْل وَوَجَدَ الأَْبُ مَنْ تُرْضِعُ لَهُ مَجَّانًا أَوْ بِأُجْرَةِ الْمِثْل جَازَ لَهُ انْتِزَاعُهُ مِنْهَا، لأَِنَّهَا أَسْقَطَتْ حَقَّهَا بِطَلَبِهَا مَا لَيْسَ لَهَا، فَدَخَلَتْ فِي عُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى (?) } .
وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الأَْبُ مَنْ تُرْضِعُ لَهُ بِأَقَل مِمَّا طَلَبَتْهُ الأُْمُّ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهَا فِي الرَّضَاعِ؛ لأَِنَّهَا تَسَاوَتْ مَعَ غَيْرِهَا فِي الأُْجْرَةِ فَصَارَتْ أَحَقَّ بِهَا، كَمَا لَوْ طَلَبَتْ كُل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أُجْرَةَ الْمِثْل (?) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ كَانَتِ الأُْمُّ مِمَّنْ يُرْضِعُ مِثْلُهَا وَكَانَتْ فِي عِصْمَةِ الأَْبِ فَلَيْسَ لَهَا طَلَبُ الأُْجْرَةِ بِالإِْرْضَاعِ؛ لأَِنَّ الشَّرْعَ أَوْجَبَهُ عَلَيْهَا فَلاَ تَسْتَحِقُّ بِوَاجِبٍ أُجْرَةً. أَمَّا الشَّرِيفَةُ الَّتِي لاَ يُرْضِعُ مِثْلُهَا، وَالْمُطَلَّقَةُ مِنَ الأَْبِ، فَلَهَا طَلَبُ الأُْجْرَةِ، وَإِنْ تَعَيَّنَتْ لِلرَّضَاعِ أَوْ وَجَدَ الأَْبُ مَنْ تُرْضِعُ لَهُ مَجَّانًا (?) .