أَثَرُ الإِْذْنِ فِي الْجِنَايَاتِ:

58 - الأَْصْل أَنَّ الدِّمَاءَ لاَ تَجْرِي فِيهَا الإِْبَاحَةُ، وَلاَ تُسْتَبَاحُ بِالإِْذْنِ وَإِنَّمَا يَكُونُ الإِْذْنُ - إِذَا كَانَ مُعْتَبَرًا - شُبْهَةً تُسْقِطُ الْقِصَاصَ، وَمِنْ ذَلِكَ مَنْ قَال لِغَيْرِهِ: اقْتُلْنِي فَقَتَلَهُ، فَإِنَّ الْقَوَدَ يَسْقُطُ لِشُبْهَةِ الإِْذْنِ، وَذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي الأَْظْهَرِ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلْمَالِكِيَّةِ، وَفِي قَوْلٍ آخَرَ لِلْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ يُقْتَل وَفِي قَوْلٍ ثَالِثٍ أَنَّهُ يُضْرَبُ مِائَةً وَيُحْبَسُ عَامًا.

وَاخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ، فَتَجِبُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ قَوْلٌ لِلْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ (?) .

وَكَذَلِكَ مَنْ قَال لِغَيْرِهِ: اقْطَعْ يَدِي فَقَطَعَ يَدَهُ فَلاَ ضَمَانَ فِيهِ، وَذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ الأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَقَال الْمَالِكِيَّةُ أَيْضًا: يُعَاقَبُ وَلاَ قِصَاصَ عَلَيْهِ (?) ، وَتُنْظَرُ التَّفْصِيلاَتُ فِي مُصْطَلَحِ: (جِنَايَةٌ) .

59 - وَمَنْ أَمَرَ إِنْسَانًا بِقَتْل غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ بِلاَ إِكْرَاهٍ فَفِيهِ الْقِصَاصُ عَلَى الْمَأْمُورِ وَاخْتُلِفَ فِي الآْمِرِ.

أَمَّا إِذَا كَانَ الأَْمْرُ بِإِكْرَاهٍ مُلْجِئٍ فَإِنَّ الْقِصَاصَ عَلَى الآْمِرِ، وَاخْتُلِفَ فِي الْمَأْمُورِ، فَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَقَوْل زُفَرَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، أَنَّهُ يُقْتَل لِمُبَاشَرَتِهِ الْقَتْل، وَقَال أَبُو يُوسُفَ: لاَ قِصَاصَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْمَأْمُورَ لاَ يُقْتَل (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015