لاِنْتِفَاءِ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ. قَال الْكَاسَانِيُّ: " إِنَّ الدَّيْنَ لاَ يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ فُلُوسًا أَوْ مَكِيلاً أَوْ مَوْزُونًا أَوْ قِيمَةَ الْمُسْتَهْلَكِ، فَإِنْ كَانَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فَاشْتَرَى بِهِ شَيْئًا بِعَيْنِهِ جَازَ الشِّرَاءُ، وَقَبْضُ الْمُشْتَرِي لَيْسَ بِشَرْطٍ؛ لأَِنَّهُ يَكُونُ افْتِرَاقًا عَنْ عَيْنٍ بِدَيْنٍ، وَأَنَّهُ جَائِزٌ فِيمَا لاَ يَتَضَمَّنُ رِبَا النَّسَاءِ، وَلاَ يَتَضَمَّنُ هَاهُنَا. وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ الدَّيْنُ مَكِيلاً أَوْ مَوْزُونًا أَوْ قِيمَةَ الْمُسْتَهْلَكِ لِمَا قُلْنَا (?) ".
59 - (وَالنَّوْعُ الثَّانِي مِنَ الدُّيُونِ) مَا لاَ يَكُونُ الْمِلْكُ عَلَيْهِ مُسْتَقِرًّا: كَالْمُسْلَمِ فِيهِ وَالأُْجْرَةِ قَبْل اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ أَوْ مُضِيِّ زَمَانِهَا، وَالْمَهْرُ قَبْل اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ أَوْ مُضِيِّ زَمَانِهَا وَالْمَهْرُ قَبْل الدُّخُول وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَهَذَا النَّوْعُ مِنَ الدُّيُونِ يَجُوزُ تَمْلِيكُهُ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ يُعْتَبَرُ إِسْقَاطًا لِلدَّيْنِ عَنِ الْمَدِينِ، وَلاَ دَلِيل عَلَى مَنْعِهِ (?) .
أَمَّا تَمْلِيكُهُ بِعِوَضٍ، فَقَدْ فَرَّقَ الْفُقَهَاءُ بَيْنَ دَيْنِ السَّلَمِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنَ الدُّيُونِ غَيْرِ الْمُسْتَقِرَّةِ.
وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:
أ - دَيْنُ السَّلَمِ
60 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِحَّةِ بَيْعِ الْمُسْلِمِ الدَّيْنَ