أُخْرَى أَوِ النَّفْسِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَرِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ) ، وَعَلَى ذَلِكَ فَالْجَانِي ضَامِنٌ لِلْجِنَايَةِ وَمَا تَسْرِي إِلَيْهِ مِنْ نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ. حَتَّى إِنَّ الْمَالِكِيَّةَ قَالُوا بِالْقِصَاصِ بَعْدَ الْقَسَامَةِ إِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ عَمْدًا مِنْ وَاحِدٍ تَعَيَّنَ لَهَا.
وَاسْتَدَل الْفُقَهَاءُ لِعَدَمِ شُمُول الْعَفْوِ لِمَا يَسْرِي مِنْهُ مِنْ إِتْلاَفِ الأَْعْضَاءِ أَوِ النَّفْسِ بِأَنَّ سَبَبَ الضَّمَانِ قَدْ تَحَقَّقَ وَهُوَ قَتْل النَّفْسِ الْمَعْصُومَةِ (أَوْ إِتْلاَفُ الْعُضْوِ) ، وَالْعَفْوُ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ بِصَرِيحِهِ؛ لأَِنَّهُ عَفَا عَنِ الْقَطْعِ، وَهُوَ غَيْرُ الْقَتْل، وَبِالسِّرَايَةِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْوَاقِعَ قَتْلٌ، فَوَجَبَ ضَمَانُهُ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ إِلاَّ أَنَّهُ تَجِبُ الدِّيَةُ؛ لأَِنَّ صُورَةَ الْعَفْوِ أَوْرَثَتْ شُبْهَةً وَهِيَ دَارِئَةٌ لِلْقَوَدِ، بِخِلاَفِ الْعَفْوِ عَنِ الْقَطْعِ بِلَفْظِ الْجِنَايَةِ؛ لأَِنَّهَا اسْمُ جِنْسٍ وَبِخِلاَفِ الْعَفْوِ عَنِ الْقَطْعِ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهُ لأَِنَّهُ صَرِيحٌ فِي الْعَفْوِ عَنِ السِّرَايَةِ وَالْقَتْل (?) .
وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ قَوْل أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ يَصِحُّ الْعَفْوُ، وَيَتَنَاوَل مَا يَسْرِي عَنِ الْقَطْعِ مِنْ إِتْلاَفِ عُضْوٍ آخَرَ أَوِ النَّفْسِ، فَلاَ شَيْءَ عَلَى الْقَاتِل، وَذَلِكَ لأَِنَّ الْعَفْوَ عَنِ الْقَطْعِ عَفْوٌ عَنْ مُوجَبِهِ، وَمُوجَبُهُ الْقَطْعُ