وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ؛ لأَِنَّهُ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ الْمُضِرَّةِ الْمَحْضَةِ، فَلاَ يَمْلِكَانِهِ كَالطَّلاَقِ وَالْعَتَاقِ وَنَحْوِهِمَا (?) .
ب - مَوْتُ الْجَانِي (فَوَاتُ مَحَل الْقِصَاصِ) :
22 - صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّ الْقَاتِل إِذَا مَاتَ أَوْ قُتِل سَقَطَ الْقِصَاصُ بِفَوَاتِ مَحَلِّهِ وَلاَ تَجِبُ الدِّيَةُ؛ لأَِنَّ الْقِصَاصَ فِي الْعَمْدِ هُوَ الْوَاجِبُ عَيْنًا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى (?) } . الآْيَةَ، حَتَّى لاَ يَمْلِكُ الْوَلِيُّ أَنْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ مِنَ الْقَاتِل بِغَيْرِ رِضَاهُ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ مَاتَ الْقَاتِل أَوْ قُتِل وَجَبَتِ الدِّيَةُ فِي تَرِكَتِهِ؛ لأَِنَّ الْوَاجِبَ بِقَتْل الْعَمْدِ أَحَدُ شَيْئَيْنِ: الْقَوَدُ أَوِ الدِّيَةُ، وَيُخَيَّرُ الْوَلِيُّ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ لَمْ يَرْضَ الْجَانِي. فَإِذَا تَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ بِمَوْتِ الْجَانِي بَقِيَ حَقُّهُ فِي اسْتِيفَاءِ الدِّيَةِ.
وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلاَنِ: الأَْوَّل وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ: أَنَّ مُوجِبَ الْقَتْل الْعَمْدِ الْقَوَدُ عَيْنًا، وَهَذَا مُتَّفِقٌ مَعَ قَوْل الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، إِلاَّ أَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ الدِّيَةَ بَدَلٌ عِنْدَ سُقُوطِ الْقِصَاصِ بِعَفْوٍ