فَلَيْسَتْ خَاصَّةً بِالْعُلَمَاءِ الَّذِينَ بَلَغُوا فِي الْعِلْمِ الْمَرَاتِبَ الْعَالِيَةَ، وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الدَّاعِي عَالِمًا بِمَا يَدْعُو إِلَيْهِ، لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا شَيْئًا فَبَلَّغَهُ كَمَا سَمِعَ (?) . وَقَوْلِهِ:
بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً (?) وَقَال بَعْدَ أَنْ خَطَبَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ. (?)
فَالْمُسْلِمُ يَدْعُو إِلَى أَصْل الإِْسْلاَمِ، وَإِلَى أَصْل الأُْمُورِ الظَّاهِرَةِ مِنْهُ كَالإِْيمَانِ بِاللَّهِ، وَمَلاَئِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَالْيَوْمِ الآْخِرِ، وَكَفِعْل الصَّلاَةِ، وَأَدَاءِ الزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ، وَالْحَجِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَإِلَى نَحْوِ تَرْكِ الْمَعَاصِي الظَّاهِرَةِ مِنَ الزِّنَا، وَشُرْبِ الْخَمْرِ، وَالْعُقُوقِ، وَالْفُحْشِ فِي الْقَوْل. وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْعُوَ إِلَى شَيْءٍ يَجْهَلُهُ، لِئَلاَّ يَكُونَ عَلَيْهِ إِثْمُ مَنْ يُضِلُّهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَيَخْتَصُّ أَهْل الْعِلْمِ بِالدَّعْوَةِ إِلَى تَفَاصِيل ذَلِكَ، وَكَشْفِ الشُّبَهِ، وَجِدَال أَصْحَابِهَا، وَرَدِّ غُلُوِّ الْغَالِينَ، وَانْتِحَال الْمُبْطِلِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلِغَيْرِ الْعُلَمَاءِ أَيْضًا الدَّعْوَةُ إِلَى مَسَائِل جُزْئِيَّةٍ إِذَا عَلِمُوهَا وَأَصْبَحُوا بِهَا عَلَى بَصِيرَةٍ، وَلاَ يُشْتَرَطُ لِذَلِكَ التَّبَحُّرُ فِي الْعِلْمِ