الْمُدَّعِي مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يَلْتَبِسْ عَلَيْهِ مَا يَحْكُمُ بَيْنَهُمَا. (?)
وَإِنَّمَا جُعِلَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، لأَِنَّ جَانِبَهُ ضَعِيفٌ، إِذْ هُوَ يُرِيدُ تَغْيِيرَ الْحَال الْمُسْتَقِرِّ بِمَا يَزْعُمُهُ، وَفِي هَذَا يَقُول ابْنُ رُشْدٍ: " فَالْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ كَانَ الْقَوْل لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ، هُوَ أَنَّ لَهُ سَبَبًا يَدُل عَلَى صِدْقِهِ دُونَ الْمُدَّعِي فِي مُجَرَّدِ دَعْوَاهُ، وَهُوَ كَوْنُ السِّلْعَةِ بِيَدِهِ إِنْ كَانَتِ الدَّعْوَى فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ، أَوْ كَوْنُ ذِمَّتِهِ بَرِيئَةً عَلَى الأَْصْل فِي بَرَاءَةِ الذِّمَمِ إِنْ كَانَتِ الدَّعْوَى فِيمَا فِي ذِمَّتِهِ.
وَالْمَعْنَى الَّذِي وَجَبَ مِنْ أَجْلِهِ عَلَى الْمُدَّعِي إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى دَعْوَاهُ هُوَ تَجَرُّدُ دَعْوَاهُ مِنْ سَبَبٍ يَدُل عَلَى صِدْقِهِ فِيمَا يَدَّعِيهِ. (?)
وَيَشْهَدُ لِصِحَّةِ ذَلِكَ قَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَذَهَبَ دِمَاءُ قَوْمٍ وَأَمْوَالُهُمْ. (?)
13 - الْكَلاَمُ فِي مَكَانِ الدَّعْوَى يَقْتَضِي بَيَانَ أَمْرَيْنِ: الأَْوَّل: الْمَجْلِسُ الَّذِي تُرْفَعُ فِيهِ