أَغَارَ عَلَيْهِمْ قَوْمٌ مِنْ أَهْل الْحَرْبِ، فَلاَ يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الدِّفَاعُ عَنْهُمْ، لأَِنَّهُمْ بِهَذَا الْعَهْدِ " الْمُوَادَعَةِ " مَا خَرَجُوا مِنْ أَنْ يَكُونُوا أَهْل حَرْبٍ، لأَِنَّهُمْ لَمْ يَنْقَادُوا لِحُكْمِ الإِْسْلاَمِ، فَلاَ يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ نُصْرَتُهُمْ (?) . وَهَذَا الْعَهْدُ أَوِ الْمُوَادَعَةُ: عَقْدٌ غَيْرُ لاَزِمٍ مُحْتَمِلٌ لِلنَّقْضِ، فَلِلإِْمَامِ أَنْ يَنْبِذَ إِلَيْهِمْ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} (?) أَمَّا إِذَا وَقَعَ عَلَى أَنْ تَجْرِيَ فِي دَارِهِمْ أَحْكَامُ الإِْسْلاَمِ فَهُوَ عَقْدٌ لاَزِمٌ، لاَ يَحْتَمِل النَّقْضَ مِنَّا، لأَِنَّ الْعَهْدَ الْوَاقِعَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ عَقْدُ ذِمَّةٍ. وَالدَّارُ دَارُ إِسْلاَمٍ يَجْرِي فِيهَا حُكْمُ الإِْسْلاَمِ (?) . فَإِنْ نَقَضُوا الصُّلْحَ بَعْدَ اسْتِقْرَارِهِ مَعَهُمْ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ.
فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِلَى أَنَّ دَارَهُمْ تَصِيرُ دَارَ حَرْبٍ، وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: إِنْ كَانَ فِي دَارِهِمْ مُسْلِمٌ أَوْ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ دَارِ الْحَرْبِ بَلَدٌ لِلْمُسْلِمِينَ، فَتَبْقَى دَارُهُمْ دَارَ إِسْلاَمِ يَجْرِي عَلَى أَهْلِهَا حُكْمُ الْبُغَاةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ مُسْلِمٌ وَلاَ بَيْنَ دَارِ الْحَرْبِ بَلَدٌ لِلْمُسْلِمِينَ، فَتَكُونُ دَارَ حَرْبٍ (?) .