لَوْ كَانَ طَلاَقًا لَمْ يَقْتَصِرْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الأَْمْرِ بِحَيْضَةٍ (?) .
وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْخُلْعَ طَلاَقٌ بِأَنَّهُ لَفْظٌ لاَ يَمْلِكُهُ إِلاَّ الزَّوْجُ فَكَانَ طَلاَقًا، وَلَوْ كَانَ فَسْخًا لَمَا جَازَ عَلَى غَيْرِ الصَّدَاقِ كَالإِْقَالَةِ، لَكِنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى جَوَازِهِ بِمَا قَل وَكَثُرَ فَدَل عَلَى أَنَّهُ طَلاَقٌ؛ وَلأَِنَّ الْمَرْأَةَ إِنَّمَا بَذَلَتِ الْعِوَضَ لِلْفُرْقَةِ، وَالْفُرْقَةُ الَّتِي يَمْلِكُ الزَّوْجُ إِيقَاعَهَا هِيَ الطَّلاَقُ دُونَ الْفَسْخِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ طَلاَقًا؛ وَلأَِنَّهُ أَتَى بِكِنَايَةِ الطَّلاَقِ قَاصِدًا فِرَاقَهَا، فَكَانَ طَلاَقًا كَغَيْرِ الْخُلْعِ مِنْ كِنَايَاتِ الطَّلاَقِ.
وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مَوْقُوفًا عَلَيْهِمُ: الْخُلْعُ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ، وَالْمَعْنَى فِيهِ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّ النِّكَاحَ لاَ يَحْتَمِل الْفَسْخَ بَعْدَ تَمَامِهِ.
وَالْخُلْعُ يَكُونُ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ فَيُجْعَل لَفْظُ الْخُلْعِ عِبَارَةً عَنْ رَفْعِ الْعَقْدِ فِي الْحَال مَجَازًا، وَذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ بِالطَّلاَقِ، وَأَمَّا الآْيَةُ فَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى التَّطْلِيقَةَ الثَّالِثَةَ بِعِوَضٍ وَبِغَيْرِ عِوَضٍ، وَبِهَذَا لاَ يَصِيرُ الطَّلاَقُ أَرْبَعًا، وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مِنْ خِلاَفٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَدْ ثَبَتَ رُجُوعُهُ عَنْهُ (?) .