وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ هَذَا الْقَوْل فِي الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ الْحَدُّ الْفَاصِل بَيْنَ مَا هُوَ مِنْ أَحْلاَفِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَيَبْطُل مِنْهُ مَا يُخَالِفُ حُكْمَ الإِْسْلاَمِ، وَيَبْقَى مَا عَدَاهُ عَلَى حَالِهِ، فَيَسْتَمِرُّ حُكْمُهُ فِي الإِْسْلاَمِ، وَبَيْنَ مَا هُوَ مِنْ أَحْلاَفِ الإِْسْلاَمِ فَيُنْقَضُ. فَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا كَانَ قَبْل نُزُول الآْيَةِ - يَعْنِي {وَأُولُو الأَْرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} (?) - فَهُوَ جَاهِلِيٌّ، وَمَا بَعْدَهَا إِسْلاَمِيٌّ، وَعَنْ عَلِيٍّ: مَا كَانَ قَبْل نُزُول {لإِِيلاَفِ قُرَيْشٍ} (?) جَاهِلِيٌّ، وَمَا بَعْدَهَا إِسْلاَمِيٌّ، وَعَنْ عُثْمَانَ: مَا كَانَ قَبْل الْهِجْرَةِ فَهُوَ جَاهِلِيٌّ وَمَا بَعْدَهَا إِسْلاَمِيٌّ. وَعَنْ عُمَرَ: كُل حِلْفٍ كَانَ قَبْل الْحُدَيْبِيَةِ فَهُوَ مَشْدُودٌ وَكُل حِلْفٍ بَعْدَهَا مَنْقُوضٌ.
قَال ابْنُ حَجَرٍ: وَأَظُنُّ قَوْل عُمَرَ أَقْوَاهَا (?) . أَيْ لِمَا ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخَى بَيْنَهُمْ فِي الْمَدِينَةِ وَذَلِكَ يَنْفِي الْقَوْلَيْنِ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ.
10 - وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّهُ لاَ بَأْسَ أَنْ يُعْقَدَ حِلْفٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمٍ عَلَى التَّنَاصُرِ عَلَى الْحَقِّ وَالنَّصِيحَةِ وَالتَّعَاوُنِ عَلَى الْخَيْرِ حَتَّى وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ وُرُودِ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ، وَلاَ تَوَارُثَ بِهِ. قَال النَّوَوِيُّ: " الْمُؤَاخَاةُ فِي الإِْسْلاَمِ، وَالْمُحَالَفَةُ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ، وَالتَّنَاصُرُ فِي الدِّينِ،