وَهُوَ جِهَةُ التَّعَبُّدِ، فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَعِبَادَتُهُ امْتِثَال أَوَامِرِهِ وَاجْتِنَابُ نَوَاهِيهِ بِإِطْلاَقٍ.
فَإِنْ جَاءَ مَا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ حَقٌّ مُجَرَّدٌ لِلْعَبْدِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ بِإِطْلاَقٍ، بَل جَاءَ عَلَى تَغْلِيبِ حَقِّ الْعَبْدِ فِي الأَْحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ.
كَمَا أَنَّ كُل حُكْمٍ شَرْعِيٍّ فِيهِ حَقٌّ لِلْعِبَادِ إِمَّا عَاجِلاً وَإِمَّا آجِلاً، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الشَّرِيعَةَ إِنَّمَا وُضِعَتْ لِمَصَالِحِ الْعِبَادِ، وَلِذَلِكَ قَال فِي الْحَدِيثِ: حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا عَبَدُوهُ وَلَمْ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا أَنْ لاَ يُعَذِّبَهُمْ. (?)
وَعَادَتُهُمْ فِي تَفْسِيرِ حَقِّ اللَّهِ أَنَّهُ مَا فَهِمَ مِنَ الشَّرْعِ أَنَّهُ لاَ خِيرَةَ فِيهِ لِلْمُكَلَّفِ، كَانَ لَهُ مَعْنًى مَعْقُولٌ أَوْ غَيْرُ مَعْقُولٍ.
وَحَقُّ الْعَبْدِ: مَا كَانَ رَاجِعًا إِلَى مَصَالِحِهِ فِي الدُّنْيَا. فَإِنْ كَانَ مِنَ الْمَصَالِحِ الأُْخْرَوِيَّةِ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ.
وَمَعْنَى التَّعَبُّدِ عِنْدَهُمْ: أَنَّهُ مَا لاَ يُعْقَل مَعْنَاهُ عَلَى الْخُصُوصِ.
وَأَصْل الْعِبَادَاتِ رَاجِعَةٌ إِلَى حَقِّ اللَّهِ، وَأَصْل الْعَادَاتِ رَاجِعَةٌ إِلَى حُقُوقِ الْعِبَادِ. (?)
وَقَال الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ: حُقُوقُ اللَّهِ ثَلاَثَةُ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا مَا هُوَ خَالِصٌ لِلَّهِ كَالْمَعَارِفِ