وَالْمَئُونَةُ هِيَ الْوَظِيفَةُ الَّتِي تَعُودُ بِالنَّفْعِ الْعَامِّ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْمُسْتَحِقِّينَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَل: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيل اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيل} (?)
وَإِنَّمَا كَانَتْ صَدَقَةُ الْفِطْرِ فِيهَا مَعْنَى الْمَئُونَةِ، لأَِنَّهَا وَجَبَتْ عَلَى الإِْنْسَانِ بِسَبَبِ نَفْسِهِ وَبِسَبَبِ غَيْرِهِ، وَهُمُ الأَْشْخَاصُ الَّذِينَ يُمَوِّنُهُمْ وَيَلِي عَلَيْهِمْ.
وَلِكَوْنِهَا وَجَبَتْ عَلَى الْمُخْرِجِ بِسَبَبِ الْغَيْرِ لَمْ تَكُنْ عِبَادَةً خَالِصَةً، وَإِنَّمَا كَانَ فِيهَا مَعْنَى الْمَئُونَةِ، لأَِنَّ الْعِبَادَةَ الْخَالِصَةَ لاَ تَجِبُ بِسَبَبِ الْغَيْرِ. (?)
أَمَّا زَكَاةُ الْمَال - عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ - فَفِيهَا مَعْنَى الْمَئُونَةِ، لأَِنَّهَا وَجَبَتْ عَلَى الشَّخْصِ بِسَبَبٍ خَارِجٍ عَنْ ذَاتِهِ، وَهُوَ مَلَكِيَّتُهُ لِلْمَال الْمُسْتَوْفِي لِشُرُوطِ الزَّكَاةِ، وَشُكْرًا لِلَّهِ عَلَى بَقَائِهِ زَائِدًا عَنْ حَاجَتِهِ، وَعَدَمِ هَلاَكِهِ.
كَمَا أَنَّ كُلًّا مِنْ زَكَاةِ الْمَال وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ مُسَاعِدَةٌ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ مَصَارِفِ الزَّكَاةِ.