مَا يُسَمِّيهِ بَعْضُهُمُ الْمَحْكُومَ فِيهِ) هُوَ الْفِعْل الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ خِطَابُ الشَّارِعِ. فَلاَ بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِهِ حِسًّا، أَيْ مِنْ وُجُودِهِ فِي الْوَاقِعِ، بِحَيْثُ يُدْرَكُ بِالْحِسِّ أَوْ بِالْعَقْل، إِذِ الْخِطَابُ لاَ يَتَعَلَّقُ بِمَا لاَ يَكُونُ لَهُ وُجُودٌ أَصْلاً.
وَأَكَّدَ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الْفُرُوقِ أَنَّ الْحَقَّ هُوَ الْفِعْل، فَقَال: (?) حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى: هُوَ مُتَعَلَّقُ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، الَّذِي هُوَ عَيْنُ عِبَادَتِهِ، لاَ نَفْسُ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ الْمُتَعَلِّقُ بِهَا، لأَِمْرَيْنِ:
الأَْوَّل: قَوْله تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِْنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} (?) ، وَقَوْل الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا.
الثَّانِي: أَنَّ الْحَقَّ مَعْنَاهُ: اللاَّزِمُ لَهُ عَلَى عِبَادِهِ، وَاللاَّزِمُ عَلَى الْعِبَادِ لاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُكْتَسَبًا لَهُمْ، وَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يَتَعَلَّقَ الْكَسْبُ بِأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، وَهُوَ كَلاَمُهُ، وَكَلاَمُهُ صِفَتُهُ الْقَدِيمَةُ.
وَحَقُّ الْعَبْدِ ثَلاَثَةُ أَقْسَامٍ: الأَْوَّل: حَقُّهُ عَلَى اللَّهِ، وَهُوَ مَلْزُومُ عِبَادَتِهِ إِيَّاهُ بِوَعْدِهِ، وَهُوَ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَيُخَلِّصَهُ مِنَ النَّارِ. وَالثَّانِي: حَقُّهُ فِي الْجُمْلَةِ، وَهُوَ الأَْمْرُ الَّذِي تَسْتَقِيمُ بِهِ أُولاَهُ وَأُخْرَاهُ مِنْ مَصَالِحِهِ. وَالثَّالِثُ: حَقُّهُ عَلَى غَيْرِهِ