مِنْ أَجْل ذَلِكَ فَرَّقَ الْفُقَهَاءُ غَيْرُ الْحَنَفِيَّةِ بَيْنَ حَيَّاتِ الْبُيُوتِ وَغَيْرِهَا، فَحَيَّاتُ غَيْرِ الْعُمْرَانِ تُقْتَل مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ إِنْذَارٍ لِبَقَائِهَا عَلَى الأَْمْرِ بِقَتْلِهَا، وَأَمَّا حَيَّاتُ الْبُيُوتِ فَتُنْذَرُ قَبْل قَتْلِهَا ثَلاَثًا (?) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ لِبُيُوتِكُمْ عُمَّارًا فَحَرِّجُوا عَلَيْهِنَّ ثَلاَثًا، فَإِِنْ بَدَا لَكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْهُنَّ شَيْءٌ فَاقْتُلُوهُ (?) .
وَلَمْ يُفَرِّقِ الْحَنَفِيَّةُ بَيْنَهُمَا، قَال الطَّحَاوِيُّ: لاَ بَأْسَ بِقَتْل الْكُل، لأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاهَدَ الْجِنَّ أَنْ لاَ يَدْخُلُوا بُيُوتَ أُمَّتِهِ، وَلاَ يُظْهِرُوا أَنْفُسَهُمْ، فَإِِذَا خَالَفُوا فَقَدْ نَقَضُوا عَهْدَهُمْ فَلاَ حُرْمَةَ لَهُمْ. وَمَعَ ذَلِكَ فَالأَْوْلَى عِنْدَهُمُ الإِِْمْسَاكُ عَمَّا فِيهِ عَلاَمَةُ الْجَانِّ لاَ لِلْحُرْمَةِ، بَل لِدَفْعِ الضَّرَرِ الْمُتَوَهَّمِ مِنْ جِهَتِهِمْ.
وَلِلْفُقَهَاءِ فِي حُكْمِ الإِِْنْذَارِ وَكَيْفِيَّتِهِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مَوَاضِعِهِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ.
وَيُسْتَحَبُّ كَذَلِكَ قَتْل الْوَزَغِ وَلَوْ لَمْ يَحْصُل مِنْهُ أَذِيَّةٌ، لِمَا رَوَى سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْل الْوَزَغِ وَسَمَّاهُ