عَلَيْهِمَا، لأَِنَّ النُّصُوصَ الْوَارِدَةَ فِي الأَْمْرِ وَالنَّهْيِ مُطْلَقَةٌ تَشْمَل الْوَالِدَيْنِ وَغَيْرَهُمَا، وَلأَِنَّ الأَْمْرَ وَالنَّهْيَ لِمَنْفَعَةِ الْمَأْمُورِ وَالْمَنْهِيِّ، وَالأَْبُ وَالأُْمُّ أَحَقُّ أَنْ يُوصِل الْوَلَدُ إِلَيْهِمَا الْمَنْفَعَةَ (?) وَلَكِنْ لاَ يَتَجَاوَزُ مَرْتَبَتَيِ التَّعَرُّفِ وَالتَّعْرِيفِ، وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا يُجَاوِزُ ذَلِكَ بِحَيْثُ يُؤَدِّي إِِلَى سَخَطِهِمَا بِأَنْ يَكْسِرَ مَثَلاً عُودًا، أَوْ يُرِيقَ خَمْرًا، أَوْ يَحُل الْخُيُوطَ عَنْ ثِيَابِهِ الْمَنْسُوجَةِ مِنَ الْحَرِيرِ، أَوْ يَرُدَّ مَا يَجِدُهُ فِي بَيْتِهِمَا مِنَ الْمَال الْحَرَامِ.
وَذَهَبَ الْغَزَالِيُّ إِِلَى أَنَّ لِلْوَلَدِ فِعْل ذَلِكَ لأَِنَّ هَذِهِ الأَْفْعَال لاَ تَتَعَلَّقُ بِذَاتِ الأَْبِ. فَسَخَطُ الأَْبِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُنْشَؤُهُ حُبُّهُ لِلْبَاطِل وَلِلْحَرَامِ (?) .
وَذَهَبَ آخَرُونَ إِِلَى عَدَمِ جَوَازِ ذَلِكَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَنَقَلَهُ الْقَرَافِيُّ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ أَيْضًا مَذْهَبُ أَحْمَدَ. قَال صَاحِبُ نِصَابُ الاِحْتِسَابِ:
السُّنَّةُ فِي أَمْرِ الْوَالِدَيْنِ بِالْمَعْرُوفِ أَنْ يَأْمُرَهُمَا بِهِ مَرَّةً فَإِِنْ قَبِلاَ فَبِهَا، وَإِِنْ كَرِهَا سَكَتَ عَنْهُمَا، وَاشْتَغَل بِالدُّعَاءِ وَالاِسْتِغْفَارِ لَهُمَا، فَإِِنَّهُ تَعَالَى يَكْفِيهِ مَا يُهِمُّهُ مِنْ أَمْرِهِمَا (?) . وَقَال فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: يَجُوزُ لِلْوَلَدِ أَنْ يُخْبِرَ الْمُحْتَسِبَ بِمَعْصِيَةِ وَالِدَيْهِ إِذَا عَلِمَ الْوَلَدُ أَنْ أَبَوَيْهِ لاَ يَمْتَنِعَانِ بِمَوْعِظَتِهِ (?) .