ب - الرُّشْدُ:
الرُّشْدُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ (مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ) هُوَ الصَّلاَحُ فِي الْمَال فَقَطْ. وَهَذَا قَوْل أَكْثَرِ أَهْل الْعِلْمِ لِلآْيَةِ السَّابِقَةِ.
وَمَنْ كَانَ مُصْلِحًا لِمَالِهِ فَقَدْ وُجِدَ مِنْهُ رُشْدٌ، وَلأَِنَّ الْعَدَالَةَ لاَ تُعْتَبَرُ فِي الرُّشْدِ فِي الدَّوَامِ. فَلاَ تُعْتَبَرُ فِي الاِبْتِدَاءِ كَالزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا، وَلأَِنَّ هَذَا مُصْلِحٌ لِمَالِهِ فَأَشْبَهَ الْعَدْل، يُحَقِّقُهُ: أَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ إِنَّمَا كَانَ لِحِفْظِ مَالِهِ عَلَيْهِ، فَالْمُؤَثِّرُ فِيهِ مَا أَثَّرَ فِي تَضْيِيعِ الْمَال أَوْ حِفْظِهِ.
وَلَوْ كَانَ الرُّشْدُ صَلاَحَ الدِّينِ فَالْحَجْرُ عَلَى الْكَافِرِ أَوْلَى مِنَ الْحَجْرِ عَلَى الْفَاسِقِ.
ثُمَّ إِنْ كَانَ الْفَاسِقُ يُنْفِقُ أَمْوَالَهُ فِي الْمَعَاصِي كَشِرَاءِ الْخَمْرِ وَآلاَتِ اللَّهْوِ أَوْ يَتَوَصَّل بِهِ إِلَى الْفَسَادِ فَهُوَ غَيْرُ رَشِيدٍ لِتَبْذِيرِهِ لِمَالِهِ وَتَضْيِيعِهِ إِيَّاهُ فِي غَيْرِ فَائِدَةٍ عَلَى الْخِلاَفِ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِسْقُهُ لِغَيْرِ ذَلِكَ كَالْكَذِبِ وَمَنْعِ الزَّكَاةِ وَإِضَاعَةِ الصَّلاَةِ مَعَ حِفْظِهِ لِمَالِهِ دُفِعَ مَالُهُ إِلَيْهِ، لأَِنَّ الْمَقْصُودَ بِالْحَجْرِ حِفْظُ الْمَال، وَمَالُهُ مَحْفُوظٌ بِدُونِ الْحَجْرِ، وَلِذَلِكَ لَوْ طَرَأَ الْفِسْقُ عَلَيْهِ بَعْدَ دَفْعِ مَالِهِ إِلَيْهِ لَمْ يُنْزَعْ (?) .
وَالأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الرُّشْدَ الصَّلاَحُ فِي الدِّينِ وَالْمَال جَمِيعًا.