اختلف أهلُ العلم في مشروعية النيابة في حج النفل على أقوال، أرجحها:
القول الأول: لا تجوز الاستنابة في حج النفل إلا عن الميت والحي المعضوب (?)، وهذا مذهب الشافعية على الأصح (?)، وهو رواية عن أحمد (?)، واختاره الشنقيطي (?)، وابن باز (?).
الأدلة:
أولاً: من السنة:
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنه جاءته امرأة من خثعم تستفتيه، قالت: يا رسول الله، إن فريضة الله على عباده في الحج، أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: نعم)) (?) (?).
عن ابن عباس رضي الله عنهما: ((أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال: نعم، حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ اقضوا الله فالله أحق بالوفاء)) (?) (?).
وجه الدلالة من الحديثين:
أن النيابة في الحج إنما شرعت للميت أو العاجز عن الحج، فما ثبت في الفرض ثبت في النفل (?).
ثانياً: أنه يتوسع في النفل ما لا يتوسع في الفرض، فإذا جازت النيابة في الفرض فلأن تجوز في النفل أولى (?).
ثالثاً: أنها حجة لا تلزمه بنفسه، فجاز أن يستنيب فيها (?).
رابعاً: أن حج النفل لم يجب عليه ببدنه ولا بماله، فإذا كان له تركهما كان له أن يتحمل إحداهما تقرباً إلى ربه عز وجل (?).
خامساً: أن النفل كالفرض، فلم يجز أن يستنيب فيه القادر على الحج بنفسه (?).
القول الثاني: عدم الجواز مطلقاً، وهذا قولٌ للمالكية (?)، وقول عند الشافعية (?)، واختاره ابن عثيمين (?).
وذلك لأنه إنما جاز الاستنابة في الفرض للضرورة، ولا ضرورة في غيره، فلم تجز الاستنابة فيه، كالصحيح (?).