فامتنع، فقال: أُحدِّثُكم بعد أن حضر مجلسي أحمد، وابنُ مَعِين، وابنُ المديني، وأبو بكر بنُ أبي شَيْبَة، وأبو خيثمة؟ قالوا له: فإن عندنا غُلاماً يَسْرُدُ كلَّ ما حَدَّثْتَ به، مجلساً مجلساً، قمْ يا أبا زُرْعة، قال: فقام، فَسَرَدَ كلَّ ما حدَّث به قُتَيْبة، فحدَّثهم قُتَيْبة.
وممن امتحنه تلاميذه: الحافظ الجليل الناقد أبو جعفر محمد بن عَمْرو بن موسى العُقَيْلي الحِجازي (ت322?) .
قال مسلمة بن القاسم (?) : كان العُقَيْليُّ جليلَ القَدْر، عظيمَ الخطر، ما رأيتُ مِثْلَه، وكان كثيرَ التصانيف، فكان مَنْ أتاه من المحدِّثين، قال: اقرأْ من كتابك، ولا يُخرج أصلَه.
قال: فتكلَّمنا في ذلك، وقلنا: إمَّا أن يكون من أحفظ الناس، وإمَّا أن يكون من أكذب الناس. فاجتمعنا فاتَّفقنا على أنْ نكتب له أحاديثَ من روايته، ونَزِيد فيها وننقص.
فأتيناه لنمتحنَه، فقال لي: اقرأْ، فقرأتُها عليه، فلمَّا أتيتُ بالزيادة والنقص، فَطِنَ لذلك، فأَخَذَ مني الكتاب، وأخذ القلم، فأَصْلحها من حِفْظِه، فانصرفنا من عنده، وقد طَابَتْ نفوسُنا، وعلمنا أنه من أحفظ الناس.