الآخر بعيد عنه، ولا يتيسر الحصول عليه.

والوصول إلى المراد من هذه المصنفات عسير، إلا على المتخصص. وحتى المتخصص، فإنه يحتاج إلى زمن طويل أحياناً حتى يتمكن من جمع طرق، وأطراف حديث واحد. وطالما أعيا مشايخنا المحدثين طلب بعض الأحاديث من مظانها. بل إنني واحد من الذين ثقفوا المصنفات الحديثية معرفة بمواردها، ومصادرها، ومع تمكُّني من معرفة الأبواب التي ارتكزت عليها هذه المصنفات؛ إلا أنني أجد صعوبة أحياناً في التوصل لحديث ما. فكيف بالعلماء الذين ليسوا مختصين بهذا العلم، كالفقهاء، والمفسرين، والدعاة، والخطباء، والمؤرخين، والأدباء، واللغويين، وسواهم، ممن تصادفهم أحاديث، ويودون الوقوف على حقيقتها من مصادرها للاستشهاد بنصوصها، من مصنفات رواتها.

من تلك الأمثلة حديث سُئلت عنه، فأنفقت جهداً، ووقتاً، ولم أقف عليه حتى الآن. وهو ما ذكره الماوردي - في باب: جامع التيمم، والعذر فيه - دليلاً على اشتراط طلب الماء قبل التيمم، بما روي عن علي بن أبي طالب رضى الله عنه أنه قال: "أنفذني رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في طلب الماء، ثم تيمم" (?) .

وإذا كانت الحاجة فيما مضى إلى موسوعة للحديث النبوي أملاً، فقد أصبحت في الوقت الحاضر عملاً واجباً، بعد حملات التشكيك في حجِّيَة السنة، والتقليل من شأنها في العديد من مواقع الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) . وعدد من: الدراسات، والندوات، واللقاءات، والأحاديث الإعلامية المشبوهة: تلفازاً، وإذاعةً، وصحافةً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015