€199¢جمادى الآخرة¤815¥
ظهر أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، بالكوفة، يدعو إلى الرضى من آل محمد صلى الله عليه وسلم والعمل بالكتاب والسنة، وهو الذي يعرف بابن طباطبا وكان القيم بأمره في الحرب أبو السرايا السري بن منصور، وكان سبب خروجه أنه شاع أن الفضل ابن سهل قد غلب على المأمون، وأنه يستبد بالأمر دونه، فغضب لذلك بنو هاشم ووجوه الناس، واجترأوا على الحسن بن سهل، وهاجت الفتن في الأمصار، فكان أول من ظهر ابن طباطبا بالكوفة، وقد اتفق أهل الكوفة على موافقته واجتمعوا عليه من كل فج عميق، وكان النائب عليها من جهة الحسن بن سهل سليمان بن أبي جعفر المنصور، فبعث الحسن بن سهل يلومه ويؤنبه على ذلك، وأرسل إليه بعشرة آلاف فارس بصحبة زاهر بن زهير بن المسيب، فتقاتلوا خارج الكوفة فهزموا زاهرا واستباحوا جيشه ونهبوا ما كان معه، وذلك يوم الأربعاء سلخ جمادى الآخرة، فلما كان الغد من الوقعة توفي ابن طباطبا أمير الشيعة فجأة، يقال إن أبا السرايا سمه وأقام مكانه غلاما أمرد يقال له محمد بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. وانعزل زاهر بمن بقي معه من أصحابه إلى قصر ابن هبيرة، وأرسل الحسن بن سهل مع عبدوس بن محمد أربعة آلاف فارس، صورة مدد لزاهر، فالتقوا هم وأبو السرايا فهزمهم أبو السرايا ولم يفلت من أصحاب عبدوس أحد، وانتشر الطالبيون في تلك البلاد، وضرب أبو السرايا الدراهم والدنانير في الكوفة، ونقش عليه (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا) ثم بعث أبو السرايا جيوشه إلى البصرة وواسط والمدائن فهزموا من فيها من النواب ودخلوها قهرا، وقويت شوكتهم، فأهم ذلك الحسن بن سهل وكتب إلى هرثمة يستدعيه لحرب أبي السرايا فتمنع ثم قدم عليه فخرج إلى أبي السرايا فهزم أبا السرايا غير مرة وطرده حتى رده إلى الكوفة ووثب الطالبيون على دور بني العباس بالكوفة فنهبوها وخربوا ضياعهم، وفعلوا أفعالا قبيحة، وبعث أبو السرايا إلى المدائن فاستجابوا، وبعث إلى أهل مكة حسين بن حسن الأفطس ليقيم لهم الموسم فخاف أن يدخلها جهرة، ولما سمع نائب مكة - وهو داود بن عيسى بن موسى بن علي بن عبد الله بن عباس - هرب من مكة طالبا أرض العراق، ثم دخلها الأفطس وحج بها من سنته.
£