€1399¢صفر¤1979¥
كانت كل الأوضاع في إيران تدعو إلى النقمة، فاقتصاديا الأوضاع متدهورة رغم الإمكانيات الكبيرة للبلاد ومنها الثروة النفطية، واجتماعيا انعدم الشعور بالأمن من كثرة المخابرات، وسياسيا الاستبداد قائم مع التسلط على الناس، والشاه قد تواتر بين الناس غرامه بالجنس ومجونه وعهره الذي لا ينقطع لا في داخل البلاد ولا خارجها، فضلا عن الإسراف الذي لا يكاد يصدقه عقل، وكذلك مروقه عن الشريعة واستهتاره برجال الدين، والظلم من قبل أجهزة الدولة وخاصة السافاك (جهاز الأمن السري) وكان أكثر الناس حقدا عليه هم المتدينون، وبرز منهم الخميني الذي أسس الاتحاد الإسلامي وكان يرفض كل ما يسن من قوانين في الدولة لأنها تخرج من جهة غير مخولة ولا تنطبق عليها الصفة الشرعية، وكان الشاه قد عمل ما سماه الثورة البيضاء والتي هدفها إخضاع رجال الدين وأخذ جزءا من ممتلكاتهم أيضا، وكان الخميني قد سجن بسبب رده على الشاه يوم رفض تعدد الزوجات، ثم نفي إلى تركيا ثم إلى العراق وعاش في النجف، ثم أجبر على السفر من العراق ورفضت الكويت استقباله فسافر إلى فرنسا، وكل ذلك كانت خطبه وكلماته وحماسه ينقل إلى إيران فتحدث بسبب ذلك أعمال شغب ومظاهرات، وحدثت عدة أعمال عنف في عدد من المدن ووقعت الصدامات مع الشرطة وكان يسقط الكثير من القتلى أثناء هذه الصدامات، وكل هذه الأمور كانت مقدمة للثورة، ثم أعلن الخميني من مكان إقامته في باريس في 9 ذي القعدة 1398هـ / 10 تشرين الأول 1978م أن الحكومة الإيرانية قد دعته ليكف عن نشاطه السياسي، مما ألهب المظاهرات في اليوم التالي حتى اقترح حاكم طهران العسكري على الشاه تدمير مدينة قم كلها، وأما الخميني فاجتمع في باريس مع قادة المعارضة في سبيل التنسيق للحركة، وفي اليوم التالي لعاشوراء يوم حداد الرافضة تدفق مليونا متظاهر يلبسون لباس الحداد وهم يهتفون الله أكبر وكان الجيش على استعداد لأي عمل من المتظاهرين، ثم دعا الخميني الشعب إلى الجهاد واشتعلت نار الثورة وتحولت من مظاهرات إلى ثورة معارضة تطالب بإسقاط النظام، وبدأ الشاه يسترضي الشعب حتى خرج في التلفاز وقال إنه سيعمل ما يأمر به الشعب، وفي 8 صفر / 7 كانون الثاني 1979م صرح حسن منتظري بعد عودته من لقاء الخميني رفضه أية حكومة طالما بقي الشاه ولن تقبل سوى سقوط الشاه لإقامة جمهورية إسلامية، وذلك أن الشاه قد أعلن أنه يريد السفر خارج البلاد وترك مجلس وصاية نيابة عنه، ثم غادر الشاه وأسرته إلى أمريكا، وأعلن الخميني أنه سيعود للبلاد وأنه لا يريد أن يكون رئيسا عليها، ثم وصل الخميني إلى طهران في الرابع من ربيع الأول / شباط وأعلن أن رحيل الشاه نهاية المطاف فالأهم هو إنهاء التسلط الأجنبي ونقل التلفاز وقائع وصوله، وأعلن الخميني عدم شرعية الحكومة، وعين مهدي بازركان رئيسا للوزراء وأعلنت حكومة شابور بختيار رئيس وزراء الشاه منع التجول لكن الخميني أعلن العصيان وخرج الناس واستولوا على بعض الأسلحة من الجيش وغيره، وأعلن القائد الأعلى للقوات المسلحة استسلامه وألقي القبض على شابور، وهكذا استمرت الثورة سنة كاملة ذهب ضحيتها 76311 قتيلا وعشرات الآلاف من الجرحى، ورفعت الثورة الإسلامية في إيران الشعارات التي يمكن أن يسير الشعب وراءها ويقبلها وذلك لكسب التأييد فطرحت العمل بالإسلام دون إعلان الانتساب الشيعي المرفوض في العالم الإسلامي، ولكي تسير هذه الثورة حتى خارج إيران أخذوا في تمجيد بعض الشخصيات الإسلامية التي يرى كثير من الناس أنها بطولية مثل سيد قطب فأثنوا عليه وعلى دعوته، ليروج على الناس فكر ثورتهم ويستطيعوا تصديرها، كما أعلنوا معاداة الدول الصليبية وخاصة أمريكا، وأعلنوا التأييد للقضية الفلسطينية وأنها ستعمل على تخليص أرض الشام ممن دنسها وصرح الخميني أنه سيقطع علاقاته مع إسرائيل، ثم بدا للعالم الإسلامي النوايا عندما أظهر الخميني والقادة معه العقيدة الشيعية فخف التأييد العالمي الإسلامي بل انعدم في أكثرها.
£