€698¤1298¥
لما كان في أثناء المحرم رجعت طائفة من الجيش من بلاد سيس بسبب المرض الذي أصاب بعضهم، فجاء كتاب السلطان بالعتب الأكيد والوعيد الشديد لهم، وأن الجيش يخرج جميعا صحبة نائب السلطنة قبجق إلى هناك ونصب مشانق لمن تأخر بعذر أو غيره، فخرج نائب السلطنة الأمير سيف الدين قبجق وصحبته الجيوش وخرج أهل البلد للفرجة على الأطلاب على ما جرت به العادة، فبرز نائب السلطنة في أبهة عظيمة فدعت له العامة وكانوا يحبونه، واستمر الجيش سائرين قاصدين بلاد سيس، فلما وصلوا إلى حمص بلغ الأمير سيف الدين قبجق وجماعة من الأمراء أن السلطان قد تغلت خاطره بسبب سعي منكوتمر فيهم فإن السلطان لاجين لما تولى السلطنة خلف بوعده للأمراء أنه لن يلي مملوكه منكوتمر شيئا ولكنه أمره بل جعله نائبه الأول بل انقاد لرأيه في الأمراء حيث إن منكوتمر أمل أن يكون ولي عهد السلطان لاجين خاصة أن السلطان كان قد مرض ولم يكن له ولد ذكر وليا لعهده فعمل على إبعاد منافسيه من الأمراء الذين بمصر وتمكن من السعي بهم والقبض عليهم، وبدا أن السلطان يميل إلى الاحتجاب وتفويض أمور السلطنة إلى منكوتمر، وبقي عليه إزاحة أمراء الشام وإقامة غيرهم من مماليك السلطان وفي مصر والشام ليتمكن من مراده، وعلموا أن السلطان لا يخالفه لمحبته له، فاتفق جماعة منهم على الدخول إلى بلاد التتر والنجاة بأنفسهم، فساقوا من حمص فيمن أطاعهم، وهم قبجق وبزلي وبكتمر السلحدار والأيلي، واستمروا ذاهبين، فرجع كثير من الجيش إلى دمشق، وتخبطت الأمور وتأسفت لعوام على قبجق لحسن سيرته، وذلك في ربيع الآخر من هذه السنة.
£