الأخلاق، فإن فى كل إنسان ثلاث قوى: إحداها الغضبية، وكمالها الشجاعة، وثانيها، الشهوانية وكمالها الجود، وثالثها العقلية وكمالها النطق بالحكمة.

وفى رواية لمسلم عنه: ما سئل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- شيئا إلا أعطاه، فجاءه رجل فأعطاه غنما بين جبلين، فرجع إلى قومه فقال: يا قوم أسلموا فإن محمدا يعطى عطاء من لا يخاف الفقر (?) . وعنده أيضا عن صفوان بن أمية قال: لقد أعطانى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ما أعطانى وإنه لمن أبغض الناس إلى، فما برح يعطينى حتى إنه لأحب الناس إلى (?) . قال ابن شهاب: أعطاه يوم حنين مائة من الغنم، ثم مائة، ثم مائة. وفى مغازى الواقدى: إن النبى- صلى الله عليه وسلم- أعطى صفوان يومئذ واديا مملوآ إبلا ونعما، فقال صفوان: أشهد ما طابت بهذا إلا نفس نبى. ويرحم الله ابن جابر حيث قال:

هذا الذى لا يتقى فقرا إذا ... يعطى ولو كثر الأنام وداموا

واد من الأنعام أعطى آملا ... فتحيرت لعطائه الأوهام

وإنما أعطاه ذلك لأنه- صلى الله عليه وسلم- علم أن داءه لا يزول إلا بهذا الدواء وهو الإحسان فعالجه به حتى برئ من داء الكفر وأسلم، وهذا من كمال شفقته ورحمته ورأفته- صلى الله عليه وسلم- إذ عامله بكمال الإحسان، وأنقذه من حر النيران إلى برد لطف الجنان. وكان على إذا وصفه- صلى الله عليه وسلم- قال: كان أجود الناس كفّا، وأصدق الناس لهجة. وخرج ابن عدى- بإسناد فيه ضعف- من حديث أنس مرفوعا: «أنا أجود بنى آدم» (?) .

فهو- صلى الله عليه وسلم- بلا ريب أجود بنى آدم على الإطلاق، كما أنه أفضلهم وأعلمهم وأشجعهم وأكملهم فى جميع الأوصاف الحميدة، وكان جوده

طور بواسطة نورين ميديا © 2015