وترغيب وترهيب، إما بتلاوة القرآن، أو بما آتاه الله من الحكمة والموعظة الحسنة، وتعليم ما نفع فى الدين، كما أمره الله تعالى أن يذكر ويعظ ويقص، وأن يدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن يبشر وينذر، فلذلك كانت تلك المجالس توجب لأصحابه رقة القلوب، والزهد فى الدنيا والرغبة فى الآخرة، كما ذكره أبو هريرة فيما رواه أحمد والترمذى وابن حبان فى صحيحه قال: قلنا: يا رسول الله، ما لنا إذا كنا عندك رقت قلوبنا وزهدنا فى الدنيا وكنا من أهل الآخرة، فإذا خرجنا من عندك عافسنا أهلنا وشممنا أولادنا وأنكرنا أنفسنا. فقال- صلى الله عليه وسلم-: «لو أنكم إذا خرجتم من عندى كنتم على حالكم ذلك لزارتكم الملائكة فى بيوتكم» (?) الحديث.
وقوله: عافسنا: - بالعين المهملة بعد الألف فاء فسين مهملة ساكنة- أى: عالجنا أهلنا ولاعبناهم.
ومن تواضعه- صلى الله عليه وسلم- أنه ما عاب ذواقا قط، ولا عاب طعاما قط، إن اشتهاه أكله وإلا تركه (?) رواه الشيخان. وهذا إن كان الطعام مباحا، أما الحرام فكان يعيبه ويذمه وينهى عنه، وذهب بعضهم إلى أن العيب إن كان من جهة الخلقة كره، وإن كان من جهة الصنعة لم يكره، قال: لأن صنعة الله تعالى لا تعاب، وصنعة الآدميين تعاب. قال فى فتح البارى: والذى يظهر:
التعميم، فإن فيه كسر قلب الصانع. قال النووى: ومن آداب الطعام المتأكدة:
أن لا يعاب، كقوله: مالح، حامض، قليل الملح، غليظ، رقيق، غير ناضج ونحو ذلك.
ومن تواضعه: أن هذه الدنيا شاع سبها فى العالمين، فقال- صلى الله عليه وسلم-: «لا تسبوا الدنيا» (?) ، ثم مدحها فقال: «نعمت مطية المؤمن، عليها يبلغ الخير،