عرفتها فى وجه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حين نظرت إليه إلا اثنتين لم أخبرهما:

يسبق حلمه جهله، ولا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلما، فقد اختبرتهما، فأشهدك أنى قد رضيت بالله ربّا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيّا (?) .

وعن أبى هريرة قال حدثنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يوما ثم قام، فقمنا حين قام فنظرنا إلى أعرابى قد أدركه فجبذه بردائه فحمر رقبته، وكان رداء خشنا، فالتفت إليه فقال له الأعرابى: احملنى على بعيرى هذين، فإنك لا تحملنى من مالك ولا من مال أبيك، فقال له- صلى الله عليه وسلم-: «لا، وأستغفر الله، لا وأستغفر الله، لا وأستغفر الله، لا أحملك حتى تقيدنى من جبذتك التى جبذتنى» ، فكل ذلك يقول له الأعرابى: والله لا أقيدكها، فذكر الحديث، قال: ثم دعا رجلا فقال له: «احمل له على بعيريه هذين على بعير تمرا وعلى الآخر شعيرا» (?) رواه أبو داود.

ورواه البخارى من حديث أنس بلفظ: كنت أمشى مع النبى- صلى الله عليه وسلم- وعليه برد نجرانى غليظ الحاشية فأدركه أعرابى فجبذ بردائه جبذة شديدة، قال أنس: فنظرت إلى صفحة عاتقه وقد أثرت فيه حاشية البرد من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد مر لى من مال الله الذى عندك، فالتفت إليه فضحك ثم أمر له بعطاء (?) .

وفى هذا بيان حلمه- صلى الله عليه وسلم- وصبره على الأذى فى النفس والمال، والتجاوز عن جفاء من يريد تألفه على الإسلام، وعن عائشة لم يكن النبى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015