وقدم عليه- صلى الله عليه وسلم- وفد نصارى نجران (?) ، فلما دخلوا المسجد النبوى بعد العصر حانت صلاتهم، فقاموا يصلون فيه، فأراد الناس منعهم فقال صلى الله عليه وسلم- دعوهم، فاستقبلوا المشرق فصلوا صلاتهم.

وكانوا ستين راكبا، منهم أربعة وعشرون رجلا من أشرافهم، والأربعة والعشرون منهم ثلاثة نفر إليهم يئول أمرهم، العاقب، أمير القوم، وذو رأيهم وصاحب مشورتهم واسمه عبد المسيح. والسيد: صاحب رحلهم ومجتمعهم، واسمه الأيهم- بتحتانية ساكنة- ويقال شرحبيل. وأبو حارثة بن علقمة أخو بكر بن وائل، قد شرف فيهم ودرس كتبهم، وكانت ملوك الروم من أهل النصرانية قد شرفوه ومولوه، وكان يعرف أمر النبى- صلى الله عليه وسلم- وشأنه وصفته مما علمه من الكتب المتقدمة. ولكن حمله جهله على الاستمرار فى النصرانية، لما يرى من تعظيمه ووجاهته عند أهلها.

فدعاهم النبى- صلى الله عليه وسلم- إلى الإسلام، وتلا عليهم القرآن فامتنعوا، فقال:

«إن أنكرتم ما أقول فهلم أباهلكم» (?) .

وفى البخارى من حديث حذيفة، (جاء السيد والعاقب صاحبا نجران إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يريدان أن يلاعناه- يعنى يباهلاه- فقال أحدهما لا تفعل) (?) .

وعند أبى نعيم: أن القائل ذلك هو السيد، وعند غيره: بل الذى قال ذلك هو العاقب، لأنه صاحب رأيهم، وفى زيادات يونس بن بكير فى المغازى أن الذى قال ذلك هو شرحبيل.

(فو الله لئن كان نبيّا فلاعناه- يعى: باهلناه- لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا- زاد فى رواية ابن مسعود: أبدا- ثم قالا: إنا نعطيك ما سألتنا، وابعث

طور بواسطة نورين ميديا © 2015