ولأن حياة الرسل، وبخاصة رسولنا- صلى الله عليه وسلم- أسوة لنا اهتم العلماء قديما وحديثا بالتصنيف فى سيرة حياته- صلى الله عليه وسلم-، لنعرف عنه كل كبيرة وصغيرة، بل لم نجد أتباع رسل اهتموا بكل تفاصيل حياته خاصها وعامها كما اهتم علماؤنا بسيرة سيد الخلق أجمعين، محمد- صلى الله عليه وسلم-، ولذلك حظيت حياته عن غيره من الأنبياء بمصنفات شتى لا تعد ولا تحصى ليجد كل واحد منا بغيته فى معرفة حياة رسولنا- صلى الله عليه وسلم-.
ثم إن دراسة سيرة الرسول- صلى الله عليه وسلم- لا تقف عند حد معرفة شمائله صلى الله عليه وسلم- فقط، بل معرفة شرعه- صلى الله عليه وسلم-، حيث إن فى سلوكه مع ربه نعرف هديه فى العبادات، ثم سلوكه مع من حوله نعرف هديه فى معاملة الخلق، فإذا كان مع زوجه عرفنا هديه فى معاملة الأزواج، وإن كان مع صاحب أو جار عرفنا هديه فى معاملة الأصحاب والجيران، ثم مع أعدائه عرفنا هديه فى السلم والحرب، وكيف نعامل أعداءنا!!، كل ذلك بضوابطه الشرعية التى بينتها سيرة رسول الله- صلى الله عليه وسلم-.
ومن هؤلاء صاحب كتابنا شهاب الدين أحمد بن محمد القسطلانى، وهو كتاب يتضمن السيرة والمغازى والخصائص والشمائل وأعلام النبوة، وسيرته- صلى الله عليه وسلم- فى العبادة، ولعله بذلك قد استوعب كل جوانب حياته صلى الله عليه وسلم- سواء كانت علاقته بربه، أو مع خلقه كأزواجه وأصحابه، حيث كان نعم الأب ونعم الأخ ونعم الزوج.
إلا أنا نجد أنا صاحبنا قد غالى بعض الشىء فى مناقبه- صلى الله عليه وسلم-، قد بينا ذلك فى موضعه، ولا ننكر أنها قليلة بالنسبة إلى الكتاب عامة ولكن الأدب مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أن نضعه فى المكانة التى أراد الله عز وجل أن يضعه فيها، بل هو أيضا قد أمرنا بذلك، حيث قال: «لا تطرونى كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله» ، وليس فى ذلك نقص من مكانته- صلى الله عليه وسلم-، بل هذا رفعة له أن نصفه بأنه عبد ورسول، بل إن الله عز وجل حينما أراد أن يصفه فى أعظم رحلة على وجه الأرض