فيدخلون الجنة بأعمالهم وأما شرار أمتى فيدخلون الجنة بشفاعتى» «1» ، ذكره عبد الحق فى العاقبة.
وأما تفضيله- صلى الله عليه وسلم- فى الجنة بالكوثر- وهو على وزن فوعل من الكثرة- سمى به هذا النهر العظيم لكثرة مائه وآنيته وعظم قدره وخيره.
فقد نقل المفسرون فى تفسير «الكوثر» أقوالا تزيد على العشرة، ذكرت كثيرا منها فى المقصد السادس من هذا الكتاب، وأولاها قول ابن عباس: إنه الخير الكثير لعمومه، لكن ثبت تخصيصه بالنهر من لفظ النبى- صلى الله عليه وسلم- فلا معدل عنه.
فقد روى مسلم وأبو داود والنسائى من طريق محمد بن فضيل وعلى ابن مسهر، كلاهما عن المختار بن فلفل عن أنس- واللفظ لمسلم- قال: بينا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بين أظهرنا فى المسجد، إذ أغفى إغفاءه ثم رفع رأسه متبسما، قلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: «أنزلت على آنفا سورة، فقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (?) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (?) إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ «2» ثم قال: أتدرون ما الكوثر؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: إنه نهر وعدنيه ربى عز وجل» «3» . الحديث.
لكن فيه إطلاق الكوثر على الحوض، وقد جاء صريحا فى حديث عند البخارى أن الكوثر هو النهر الذى يصب فى الحوض. وعند أحمد: «ويفتح نهر الكوثر إلى الحوض» «4» ، وعند مسلم «يغت فيه- يعنى الحوض- ميزابان يمدانه من الجنة، أحدهما من ذهب والآخر من ورق» .
وقوله: «يغت» بالغين المعجمة، أى: يصب.