دعوة» أى أفضل دعواته، ولهم دعوات أخرى، وقيل: لكل منهم دعوة عامة مستجابة فى أمته، إما بإهلاكهم، وإما بنجاتهم، وأما الدعوات الخاصة:
فمنها ما يستجاب ومنها لا يستجاب. وقيل: لكل نبى منهم دعوة تخصه لدنياه أو لنفسه، كقول نوح: رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً «1» وقول زكريا: فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي «2» ، وقول سليمان: رب هب لى ملكا لا ينبغى لأحد من بعدى إشارة إلى قوله: قال رب اغفر لى وهب لى ملكا لا ينبغى لأحد من بعدى إنك أنت الوهاب.
وأما قول الكرمانى فى شرحه على البخارى: فإن قلت: هل جاز أن لا يستجاب دعاء النبى- صلى الله عليه وسلم-؟ قلت: لكل نبى دعوة مستجابة، وإجابة الباقى فى مشيئة الله تعالى، فقال العينى: هذا السؤال لا يعجبنى، فإن فيه بشاعة، وأنا لا أشك أن جميع دعوات النبى- صلى الله عليه وسلم- مستجابة. وقوله: «لكل نبى دعوة مستجابة» لا ينفى ذلك، لأنه ليس بمحصور. انتهى. ولم ينقل أنه- صلى الله عليه وسلم- دعا بشئ فلم يستجب.
وفى هذا الحديث بيان فضيلة نبينا- صلى الله عليه وسلم- على سائر الأنبياء، حيث آثر أمته على نفسه وأهل بيته بدعوته المجابة، ولم يجعلها دعاء عليهم بالهلاك كما وقع لغيره، - صلوات الله وسلامه عليهم-.
وظاهر الحديث يقتضى أنه- صلى الله عليه وسلم- أخر الدعاء والشفاعة ليوم القيامة، فذلك اليوم يدعو ويشفع، ويحتمل أن يكون المؤخر ليوم القيامة ثمرة تلك الدعوة ومنفعتها، وأما طلبها فحصل من النبى- صلى الله عليه وسلم- فى الدنيا حكاه صاحب مزيد الفتح.
وقد أمر الله النبى- صلى الله عليه وسلم- بالترقى فى مراتب التوحيد بقوله: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ «3» فإنه ليس أمرا بتحصيل ذلك العلم، لأنه عالم بذلك،