فينبغى للعبد أن يهتم بأمر الحج ويبادر إليه، وينهض فاتر عزمه إنهاضا يحثه عليه، ولا يتوانى فى غسل أدران سيئات العمر بصابون المغفرة، ولا يتكاسل عن البدار، فيعرضه للفوات بركوب عمياء المخاطرة.
وروى ابن عباس أنه- صلى الله عليه وسلم- قال: «من أراد الحج فليتعجل» (?) . رواه أبو داود. وفى حديث على بن أبى طالب، عنه- صلى الله عليه وسلم-: «من ملك راحلة وزادا يبلغه إلى بيت الله الحرام، فلا عليه أن يموت يهوديّا أو نصرانيّا» (?) .
الحديث رواه الترمذى. وخطب- صلى الله عليه وسلم- فقال: «أيها الناس: قد فرض الله عليكم الحج فحجوا» (?) . رواه مسلم والنسائى من حديث أبى هريرة. وفى رواية النسائى، من حديث ابن عباس مرفوعا: «إن الله كتب عليكم الحج» ، فقال الأقرع بن حابس التميمى: كل عام يا رسول الله؟ فقال: «لو قلت نعم لوجبت» (?) الحديث. فوجوب الحج معلوم من الدين بالضرورة، وقد أجمعوا على أنه لا يتكرر إلا لعارض كالنذر. واختلفوا: هل هو على الفور، أو على التراخى؟ فقال الشافعى وأبو يوسف وطائفة: هو على التراخى، إلى أن ينتهى إلى حال يظن فواته لو أخره عنها. وقال مالك وأبو حنيفة وآخرون: هو على الفور. واختلفوا أيضا فى وقت ابتداء فرضه، فقيل: قبل الهجرة، وهو شاذ، وقيل: بعدها، ثم اختلف فى سنته.
فالجمهور على أنه سنة ست، لأنه نزل فيها قوله تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ (?) ، وهذا ينبنى على أن المراد بالإتمام ابتداء الفرض. ويؤيده