أجاب الفخر الرازى: بأنه يحتمل أن يكون المراد الأمر بمتابعته فى كيفية الدعوة إلى التوحيد، وهو أن يدعو إليه بطريق الرفق والسهولة وإيراد الدلائل مرة بعد أخرى بأنواع كثيرة، على ما هو الطريقة المألوفة فى القرآن.

وقد قال صاحب الكشاف «1» : لفظة «ثم» فى قوله: ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ «2» تدل على تعظيم منزلة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وإجلال محله، فإن أشرف ما أوتى خليل الله من الكرامة وأجل ما أوتى من النعمة اتباع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ملته، من قبل أن هذه اللفظة دلت على تباعد النعت فى المرتبة على سائر المدائح التى مدحه الله بها، انتهى.

ومراده بالمدائح: المذكورة فى قوله: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شاكِراً لِأَنْعُمِهِ اجْتَباهُ وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (121) وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ «3» .

وقال ابن العراقى فى شرح تقريب الأسانيد: وليت شعرى كيف تلك العبادة؟ وأى أنواعها هى؟ وعلى أى وجه فعلها؟ يحتاج ذلك لنقل. ولا أستحضره الآن. انتهى.

وقال شيخ الإسلام البلقينى فى شرح البخارى: لم تجئ فى الأحاديث التى وقفنا عليها كيفية تعبده- صلى الله عليه وسلم-، لكن روى ابن إسحاق وغيره أنه- صلى الله عليه وسلم- كان يخرج إلى حراء فى كل عام شهرا من السنة يتنسك فيه، وكان من تنسك قريش فى الجاهلية أن يطعم الرجل من جاءه من المساكين، حتى إذا انصرف من مجاورته لم يدخل بيته حتى يطوف بالكعبة، وحمل بعضهم التعبد على التفكر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015