وقال القرطبى فى «المفهم» : المراد- والله أعلم- باخر الزمان المذكور فى الحديث، زمان الطائفة الباقية مع عيسى ابن مريم- عليهما السلام- بعد قتله الدجال، فأهل هذا الزمان أحسن هذه الأمة حالا بعد الصدر الأول.
وأصدقهم أقوالا، فكانت رؤياهم لا تكذب، ومن ثم قال عقب هذا:
وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا، وإنما كانت كذلك لأن من كثر صدقه تنور قلبه وقوى إدراكه، وانتقشت فيه المعانى على وجه الصحة، وكذلك من كان غالب أحواله الصدق فى يقظته فإنه يستصحب ذلك فى نومه فلا يرى إلا صدقا، وهذا بخلاف الكاذب والمخلط، فإنه يفسد قلبه ويظلم، فلا يرى إلا تخليطا وأضغاثا، وقد يندر المنام أحيانا، فيرى الصادق ما لا يصح، ويرى الكاذب ما يصح، ولكن الأغلب الأكثر ما تقدم. انتهى ملخصا.
وعن أبى سعيد الخدرى قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها فإنما هى من الله، فليحمد الله عليها وليتحدث بها، وإذا رأى غير ذلك مما يكره، فإنما هى من الشيطان فليستعذ بالله من شرها ولا يذكرها، فإنها لا تضره» (?) رواه البخارى. وفى رواية لمسلم: «ورؤيا السوء من الشيطان، فمن رأى رؤيا وكره منها شيئا فلينفث عن يساره وليتعوذ بالله من الشيطان، ولا يخبر بها أحدا، فإن رأى رؤيا حسنة فليبشر ولا يخبر بها إلا من يحب» (?) . وقوله: «فليبشر» بفتح التحتانية وسكون الموحدة وضم المعجمة، من البشرى.
وفى حديث أبى رزين عند الترمذى: «ولا يقصها إلا على وادّ» (?) - بتشديد الدال، اسم فاعل من الود- «أو ذى رأى» وفى أخرى: «ولا يحدث بها إلا لبيبا أو حبيبا» وفى أخرى: «لا تقص رؤياك إلا على عالم أو