وقال الضحاك بن مزاحم: صلاة الله رحمته، وفى رواية عنه: مغفرته، وصلاة الملائكة الدعاء. أخرجهما إسماعيل القاضى عنه، وكأنه يريد الدعاء بالمغفرة ونحوها. وقال المبرد: الصلاة من الله الرحمة ومن الملائكة رقة تبعث على استدعاء الرحمة.
وتعقب: بأنه الله غاير بين الصلاة والرحمة فى قوله سبحانه وتعالى:
أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ (?) ، ولذلك فهم الصحابة المغايرة من قوله تعالى: صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (?) حتى سألوه عن كيفية الصلاة مع تقدم ذكر «الرحمة» فى تعليم السلام، حيث جاء بلفظ: السلام عليك أيها النبى ورحمة الله وبركاته، وأقرهم النبى- صلى الله عليه وسلم-، فلو كانت الصلاة بمعنى الرحمة لقال لهم، قد علمتم ذلك فى السلام. وجوز الحليمى أن تكون الصلاة بمعنى السلام عليه، وفيه نظر. وقيل: صلاة الله على خلقه تكون خاصة وتكون عامة، فصلاته على أنبيائه هى ما تقدم من الثناء والتعظيم، وصلاته على غيرهم الرحمة، فهى التى وسعت كل شىء.
وحكى القاضى عياض: عن بكر القشيرى أنه قال: الصلاة على النبى- صلى الله عليه وسلم- من الله تشريف وزيادة تكرمة، وعلى من دون النبى رحمة. وبهذا يظهر الفرق بين النبى- صلى الله عليه وسلم- وبين سائر المؤمنين حيث قال الله تعالى فى سورة الأحزاب: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ (?) ، وقال قبل ذلك فى السورة المذكورة: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ (?) ، ومن المعلوم أن القدر الذى يليق بالنبى- صلى الله عليه وسلم- من ذلك أرفع مما يليق بغيره. والإجماع منعقد على أن فى هذه الآية من تعظيم النبى- صلى الله عليه وسلم- والتنويه به ما ليس فى غيرها.
وقال الحليمى فى «الشعب» ، معنى الصلاة على النبى- صلى الله عليه وسلم- تعظيمه، فمعنى قولنا: اللهم صل على محمد، عظم محمدا، والمراد تعظيمه فى الدنيا