يترتب على ذلك فهذه مسألة فقهية خلافية، أشرنا إلى رأي الفريقين في ذلك وأدلتهم في هذا الموضوع ولكننا لا نجزم بالإباحة أو التحريم في هذه المسألة ولكن الذي يظهر من هذه المسألة أن الزواج بالكتابية مكروه في أقرب الأقوال إلى الاعتدال، وقد قال بكراهية الزواج بالكتابية كل من الحنفية والمالكية والشافعية وإن اختلفوا في درجة الكراهية من كراهية التنزيه إلى كراهية التحريم تبعًا إلى نوع الكتابية إذا كانت ذمية أو حربية مقيمة في دار الإسلام أو خارج دار الإسلام.
وخالفهم في ذلك الحنابلة فقالوا بجواز نكاح الكتابية مطلقًا بلا كراهية، وهو خلاف رأي الجمهور، ومخالف لما يفهم من قوله تعالى: (وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ) (?) حيث فضل الله عز وجل المرأة المسلمة المؤمنة على الكافرة، ولا جدال في أن الزواج بالكتابية ليس على درجة الإباحة والمساواة بالنسبة إلى المرأة المسلمة ولهذا يترجح لدي أن الزواج بالكتابية مكروه في أفضل الاحتمالات، وإن كانت المسألة تدور رواء المصلحة والمفسدة، فإذا غلب على الظن أن الزواج بالكتابية فيه مصلحة شرعية في حق الزوج أو حق الزوجة أو حق المسلمين عامة فهو مباح وقد يكون ممدوحًا، وإذا ترتب على الزواج أو غلب على الظن أن هذا الزواج فيه مضرة على المسلم في دينه ودين أولاده، وعلى المسلمين من حوله فإنه محرم لما يترتب عليه من مفاسد، حيث إن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح (?).
ويرى القائلون بجواز نكاح نساء أهل الكتاب، إن نكاحهن من قبل المسلم الملتزم بالإسلام قولاً وعملاً، لا يترتب عليه موالاة للكفار بالصورة المنهي عنها شرعًا وذلك لعدة أسباب هي كما يلي: