تَخَوَّفَ الرَّحْلُ مِنْهَا تَامِكًا قَرِدًا ... كَمَا تَخَوَّفَ عُودَ النَّبْعَةِ السَّفَنُ1
فَقَالَ عُمَرُ: "أَيُّهَا النَّاسُ! تَمَسَّكُوا بِدِيوَانِ شِعْرِكُمْ فِي جَاهِلِيَّتِكُمْ، فَإِنَّ فِيهِ تَفْسِيرَ كِتَابِكُمْ"2، فَلَيْسَ بَيْنَ الْخِبْرَيْنِ تَعَارُضٌ لِأَنَّ هَذَا [قَدْ] 3 تَوَقَّفَ فَهْمُ مَعْنَى الْآيَةِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ.
فَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ هَكَذَا، فَاللَّازِمُ الِاعْتِنَاءُ بِفَهْمِ مَعْنَى الْخِطَابِ، لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ وَالْمُرَادُ، وَعَلَيْهِ يَنْبَنِي4 الْخِطَابُ ابْتِدَاءً، وَكَثِيرًا مَا يُغْفَلُ هَذَا النَّظَرُ بِالنِّسْبَةِ لِلْكِتَابِ5 وَالسُّنَّةِ، فَتُلْتَمَسُ غَرَائِبُهُ وَمَعَانِيهِ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي يَنْبَغِي6، فَتَسْتَبْهِمُ عَلَى الْمُلْتَمِسِ، وَتَسْتَعْجِمُ عَلَى مَنْ لَمْ يَفْهَمْ مَقَاصِدَ الْعَرَبِ، فَيَكُونُ عَمَلُهُ فِي غَيْرِ مَعْمَلٍ، وَمَشْيُهُ عَلَى غَيْرِ طَرِيقٍ، وَاللَّهُ الْوَاقِي بِرَحْمَتِهِ.