وَمِنْهَا: ضَرْبُ الْأَمْثَالِ 1
[وَقَدْ قَالَ تَعَالَى] 2: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا [لِلنَّاس] 2 فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ} [الرُّومِ: 58] إِلَّا ضَرْبًا وَاحِدًا، وَهُوَ الشِّعْرُ، فَإِنَّ اللَّهَ نَفَاهُ وَبَرَّأَ الشَّرِيعَةَ مِنْهُ، قَالَ تعالى في حكايته عن الكفار: {أَإِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ، بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ} [الصَّافَّاتِ: 36] ، أَيْ: لَمْ يَأْتِ بِشِعْرٍ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِحَقٍّ، وَلِذَلِكَ قَالَ: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} الآية [يس: 69] .
وَبَيَّنَ مَعْنَى ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ، أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ، وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ} [الشُّعَرَاءِ: 224-226] .
فَظَهَرَ أَنَّ الشِّعْرَ لَيْسَ مَبْنِيًّا3 عَلَى أَصْلٍ، وَلَكِنَّهُ هَيَمَانٌ عَلَى غَيْرِ تَحْصِيلٍ، وَقَوْلٌ لَا يُصَدِّقُهُ فِعْلٌ، وَهَذَا مُضَادٌّ لِمَا جَاءَتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ إِلَّا مَا اسْتَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى.
فَهَذَا أُنْمُوذَجٌ يُنَبِّهُكَ عَلَى4 مَا نَحْنُ بِسَبِيلِهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى عُلُومِ الْعَرَبِ الْأُمِّيَّةِ.
وَأَمَّا مَا يَرْجِعُ إِلَى الِاتِّصَافِ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَمَا يَنْضَافُ إِلَيْهَا، فَهُوَ أَوَّلُ مَا خُوطِبُوا بِهِ، وَأَكْثَرُ مَا تَجِدُ ذَلِكَ فِي السُّوَرِ الْمَكِّيَّةِ، مِنْ حيث كان آنس لهم،