فَإِنَّ الْغَالِبَ الْأَكْثَرِيَّ مُعْتَبَرٌ فِي الشَّرِيعَةِ اعْتِبَارَ الْعَامِّ الْقَطْعِيِّ؛ لِأَنَّ الْمُتَخَلِّفَاتِ الْجُزْئِيَّةَ لَا يَنْتَظِمُ مِنْهَا كُلِّيٌّ يُعَارِضُ هَذَا الْكُلِّيَّ الثَّابِتَ.
هَذَا شَأْنُ الْكُلِّيَّاتِ الِاسْتِقْرَائِيَّةِ1 وَاعْتُبِرَ ذَلِكَ بِالْكُلِّيَّاتِ الْعَرَبِيَّةِ فَإِنَّهَا أَقْرَبُ شَيْءٍ إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ لِكَوْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْقَبِيلَيْنِ أَمْرًا وَضْعِيًّا لَا عَقْلِيًّا، وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ تَخَلُّفُ بَعْضِ الْجُزْئِيَّاتِ قَادِحًا فِي الْكُلِّيَّاتِ الْعَقْلِيَّةِ، كَمَا نَقُولُ: "مَا ثَبَتَ لِلشَّيْءِ ثَبَتَ لِمِثْلِهِ عَقْلًا"، فَهَذَا لَا يُمْكِنُ فِيهِ التَّخَلُّفُ أَلْبَتَّةَ، إِذْ لَوْ تَخَلَّفَ لَمْ يَصِحَّ الْحُكْمُ بِالْقَضِيَّةِ الْقَائِلَةِ: "مَا ثَبَتَ لِلشَّيْءِ ثَبَتَ لِمِثْلِهِ".
فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَالْكُلِّيَّةُ فِي الِاسْتِقْرَائِيَّاتِ صَحِيحَةٌ، وَإِنْ تَخَلَّفَ عَنْ مُقْتَضَاهَا بَعْضُ الْجُزْئِيَّاتِ.
وَأَيْضًا2، فَالْجُزْئِيَّاتُ الْمُتَخَلِّفَةُ3 قَدْ يَكُونُ تَخَلُّفُهَا لِحِكَمٍ خَارِجَةٍ عَنْ مُقْتَضَى الكلي، فلا يكون دَاخِلَةً تَحْتَهُ أَصْلًا4، أَوْ تَكُونُ دَاخِلَةً لَكِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَنَا دُخُولُهَا، أَوْ دَاخِلَةً عِنْدَنَا، لَكِنْ عَارَضَهَا عَلَى الْخُصُوصِ مَا هِيَ بِهِ أولى5،