الموافقات (صفحة 745)

ثَانِيًا:

إِنْ فُرِضَ وُجُودُهُ، فَلَا بُدَّ مِنْ دَلِيلٍ قَطْعِيٍّ يَكُونُ مُسْتَنَدَهُمْ، وَيَجْتَمِعُونَ عَلَى أَنَّهُ قَطْعِيٌّ، فَقَدْ يَجْتَمِعُونَ عَلَى دَلِيلٍ ظَنِّيٍّ، فَتَكُونُ الْمَسْأَلَةُ ظَنِّيَّةً لَا قَطْعِيَّةً، فَلَا تُفِيدُ الْيَقِينَ؛ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ إِنَّمَا يَكُونُ قَطْعِيًّا عَلَى فَرْضِ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى مَسْأَلَةٍ قَطْعِيَّةٍ لَهَا مُسْتَنَدٌ قَطْعِيٌّ، فَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى مُسْتَنَدٍ ظَنِّيٍّ، فَمِنَ النَّاسِ مَنْ خَالَفَ1 فِي كَوْنِ هَذَا الْإِجْمَاعِ حُجَّةً2 فَإِثْبَاتُ الْمَسْأَلَةِ بِالْإِجْمَاعِ لَا يَتَخَلَّصُ، وَعِنْدَ ذَلِكَ يَصْعُبُ الطَّرِيقُ إِلَى إِثْبَاتِ كَوْنِ هَذِهِ الْقَوَاعِدِ مُعْتَبَرَةً شَرْعًا بِالدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ الْقَطْعِيِّ.

وَإِنَّمَا الدَّلِيلُ عَلَى الْمَسْأَلَةِ ثَابِتٌ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ هُوَ رُوحُ الْمَسْأَلَةِ، وَذَلِكَ3 أَنَّ هَذِهِ الْقَوَاعِدَ الثَّلَاثَ لَا يَرْتَابُ فِي ثُبُوتِهَا شَرْعًا أَحَدٌ مِمَّنْ يَنْتَمِي إِلَى الِاجْتِهَادِ مِنْ أَهْلِ الشَّرْعِ، وَأَنَّ اعْتِبَارَهَا مَقْصُودٌ لِلشَّارِعِ.

وَدَلِيلُ ذَلِكَ اسْتِقْرَاءُ الشَّرِيعَةِ، وَالنَّظَرُ فِي أَدِلَّتِهَا الْكُلِّيَّةِ وَالْجُزْئِيَّةِ، وَمَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الْعَامَّةِ عَلَى حَدِّ الِاسْتِقْرَاءِ الْمَعْنَوِيِّ الَّذِي لَا يُثْبَتُ بِدَلِيلٍ خَاصٍّ، بَلْ بِأَدِلَّةٍ مُنْضَافٍ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، مُخْتَلِفَةِ الْأَغْرَاضِ، بِحَيْثُ يَنْتَظِمُ مِنْ مَجْمُوعِهَا أَمْرٌ وَاحِدٌ تَجْتَمِعُ عَلَيْهِ تِلْكَ الْأَدِلَّةُ، عَلَى حَدِّ مَا ثَبَتَ عِنْدَ الْعَامَّةِ جُودُ حَاتِمٍ، وَشَجَاعَةُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ4، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَلَمْ يعتمد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015