الموافقات (صفحة 718)

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ:

لَمَّا كَانَتِ الْمَصَالِحُ وَالْمَفَاسِدُ عَلَى ضَرْبَيْنِ: دُنْيَوِيَّةٍ، وَأُخْرَوِيَّةٍ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الدُّنْيَوِيَّةِ، اقْتَضَى الْحَالُ الْكَلَامَ فِي الْمَصَالِحِ وَالْمَفَاسِدِ الْأُخْرَوِيَّةِ، فَنَقُولُ: إِنَّهَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا:

أَنْ تَكُونَ خَالِصَةً لَا امْتِزَاجَ لِأَحَدِ الْقَبِيلَيْنِ بِالْآخَرِ، كَنَعِيمِ أَهْلِ الْجِنَانِ، وَعَذَابِ أَهْلِ الْخُلُودِ فِي النِّيرَانِ، أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنَ النَّارِ وَأَدْخَلَنَا الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِهِ.

الثاني:

أَنْ تَكُونَ مُمْتَزِجَةً، وَلَيْسَ ذَلِكَ إِلَّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ يَدْخُلُ النَّارَ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ، فِي حَالِ كَوْنِهِ فِي النَّارِ خَاصَّةً، فَإِذَا أُدْخِلَ الْجَنَّةَ بِرَحْمَةِ اللَّهِ رَجَعَ إِلَى الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، وهذا كله حسبما جَاءَ فِي الشَّرِيعَةِ، إِذْ لَيْسَ لِلْعَقْلِ فِي الْأُمُورِ الْأُخْرَوِيَّةِ مَجَالٌ، وَإِنَّمَا تَتَلَقَّى أَحْكَامَهَا مِنَ السَّمْعِ.

أَمَّا كَوْنُ هَذَا الْقِسْمِ الثَّانِي مُمْتَزِجًا فَظَاهِرٌ، لِأَنَّ النَّارَ لَا تَنَالُ مِنْهُمْ مَوَاضِعَ السُّجُودِ1، وَلَا مَحَلَّ الْإِيمَانِ2، وَتِلْكَ مَصْلَحَةٌ ظَاهِرَةٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015