الموافقات (صفحة 715)

مِثَالُهُ أَكْلُ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ، وَأَكْلُ النَّجَاسَاتِ وَالْخَبَائِثِ اضْطِرَارًا، وَقَتْلُ الْقَاتِلِ، وَقَطْعُ الْقَاطِعِ؛ وَبِالْجُمْلَةِ الْعُقُوبَاتُ وَالْحُدُودُ- لِلزَّجْرِ، وَقَطَعُ الْيَدِ الْمُتَأَكِّلَةِ1، وَقَلْعُ الضِّرْسِ الْوَجِعَةِ، وَالْإِيلَامُ بِقَطْعِ الْعُرُوقِ وَالْفَصْدِ وَغَيْرُ ذَلِكَ لِلتَّدَاوِي، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي [لَوِ] 2 انْفَرَدَتْ عَمَّا غَلَبَ عَلَيْهَا لَكَانَ النَّهْيُ عَنْهَا مُتَوَجِّهًا، وَبِالْجُمْلَةِ كُلُّ مَا تَعَارَضَتْ فِيهِ الْأَدِلَّةُ، فَلَا يَخْلُو أَنْ تَتَسَاوَى الْجِهَتَانِ، أَوْ تَتَرَجَّحَ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى.

فَإِنْ تَسَاوَتَا، فَلَا حُكْمَ مِنْ جِهَةِ الْمُكَلَّفِ بِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ دُونَ الْآخَرِ، إِذَا ظَهَرَ التَّسَاوِي بِمُقْتَضَى الْأَدِلَّةِ، وَلَعَلَّ هَذَا غَيْرُ وَاقِعٍ فِي الشَّرِيعَةِ، وَإِنْ فُرِضَ وُقُوعُهُ، فَلَا تَرْجِيحَ إِلَّا بِالتَّشَهِّي مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ، وَذَلِكَ فِي الشَّرْعِيَّاتِ بَاطِلٌ بِاتِّفَاقٍ، وَأَمَّا أَنَّ قَصْدَ الشَّارِعِ مُتَعَلِّقٌ بِالطَّرَفَيْنِ مَعًا: طَرَفِ الْإِقْدَامِ، وَطَرَفِ الْإِحْجَامِ، فَغَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ، إِذْ قَدْ فَرَضْنَا تَسَاوِيَ الْجِهَتَيْنِ عَلَى الْفِعْلِ الْوَاحِدِ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُؤْمَرَ بِهِ وَيُنْهَى عَنْهُ مَعًا، وَلَا يَكُونُ أَيْضًا الْقَصْدُ غَيْرَ مُتَعَلِّقٍ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، إِذْ قَدْ فَرَضْنَا أَنَّ3 تَوَارُدَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ مَعًا، وهما4 علمان على القصد على الجملة حسبما يَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، إِذْ لَا أَمْرَ وَلَا نَهْيَ مِنْ غَيْرِ اقْتِضَاءٍ، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِإِحْدَى الْجِهَتَيْنِ دُونَ الْأُخْرَى، وَلَمْ يَتَعَيَّنْ ذَلِكَ لِلْمُكَلَّفِ، فَلَا بُدَّ مِنَ التَّوَقُّفِ5.

وَأَمَّا إِنْ تَرَجَّحَتْ إِحْدَى الْجِهَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى، فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إن قصد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015