أَنَّهَا مَشُوبَةٌ، فَلَيْسَتْ فِي الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ الْمَغْلُوبَةَ1 أَوِ الْمَفْسَدَةَ الْمَغْلُوبَةَ2 إِنَّمَا الْمُرَادُ بِهَا مَا يَجْرِي فِي الِاعْتِيَادِ الْكَسْبِيِّ مِنْ غَيْرِ خُرُوجٍ إِلَى زِيَادَةٍ تَقْتَضِي الْتِفَاتَ الشَّارِعِ إِلَيْهَا عَلَى الْجُمْلَةِ، وَهَذَا الْمِقْدَارُ3 هُوَ الَّذِي قِيلَ إِنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ لِلشَّارِعِ فِي شَرْعِيَّةِ الْأَحْكَامِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَمْرَانِ:
أَحَدُهُمَا:
أن الجهة المغلوبة4 لَوْ كَانَتْ مَقْصُودَةً لِلشَّارِعِ -أَعْنِي: مُعْتَبَرَةً عِنْدَ الشَّارِعِ-، لَمْ يَكُنِ الْفِعْلُ مَأْمُورًا بِهِ بِإِطْلَاقٍ، وَلَا مَنْهِيًّا عَنْهُ بِإِطْلَاقٍ، بَلْ كَانَ يَكُونُ مَأْمُورًا بِهِ مِنْ حَيْثُ الْمَصْلَحَةِ، وَمَنْهِيًّا عَنْهُ مِنْ حَيْثُ الْمَفْسَدَةِ، وَمَعْلُومٌ قَطْعًا أَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ كَذَلِكَ.
وَهَذَا يَتَبَيَّنُ فِي أَعْلَى الْمَرَاتِبِ في الأمر والنهي، كوجوب الإيمان وحرمة