والثالث:
أن مجموع الحاجيات والتحسينات يَنْتَهِضُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الضَّرُورِيَّاتِ1، وَذَلِكَ أَنَّ كَمَالَ الضَّرُورِيَّاتِ مِنْ حَيْثُ هِيَ ضَرُورِيَّاتٌ إِنَّمَا يَحْسُنُ مَوْقِعُهُ حَيْثُ يَكُونُ فِيهَا عَلَى الْمُكَلَّفِ سَعَةٌ وَبَسْطَةٌ، مِنْ غَيْرِ تَضْيِيقٍ وَلَا حَرَجٍ وَحَيْثُ يَبْقَى مَعَهَا خِصَالُ مَعَانِي2 الْعَادَاتِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ مُوَفَّرَةَ الْفُصُولِ، مُكَمَّلَةَ الْأَطْرَافِ، حَتَّى يَسْتَحْسِنَ ذَلِكَ أَهْلُ الْعُقُولِ، فَإِذَا أَخَلَّ بِذَلِكَ، لَبِسَ قِسْمُ الضَّرُورِيَّاتِ لِبْسَةَ الْحَرَجِ وَالْعَنَتِ3، وَاتَّصَفَ بِضِدِّ مَا يُسْتَحْسَنُ فِي الْعَادَاتِ، فَصَارَ الْوَاجِبُ الضَّرُورِيُّ مُتَكَلَّفَ الْعَمَلِ، وَغَيْرَ صَافٍ فِي النَّظَرِ الَّذِي وُضِعَتْ عَلَيْهِ الشَّرِيعَةُ، وَذَلِكَ ضِدُّ مَا وُضِعَتْ عَلَيْهِ، وَفِي الْحَدِيثِ: "بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ" 4، فَكَأَنَّهُ لَوْ فرض فقدان المكملات،