الَّذِي شَأْنُهُ هَذَا لَيْسَ مِنَ الْمُحَسِّنَاتِ وَلَا مِنَ الْحَاجِيَّاتِ، بَلْ هُوَ1 مِنَ الضَّرُورِيَّاتِ.
لَا يُقَالُ: إِنَّ مِنْ أَوْصَافِ الصَّلَاةِ مَثَلًا الْكَمَالِيَّةِ أن لا تَكُونَ فِي دَارٍ مَغْصُوبَةٍ، وَكَذَلِكَ الذَّكَاةُ مِنْ تمامها أن لا تكون بسكين مغصوبة وما أشبه، وَمَعَ ذَلِكَ، فَقَدْ قَالَ جَمَاعَةٌ بِبُطْلَانِ أَصْلِ الصَّلَاةِ وَأَصْلِ الذَّكَاةِ، فَقَدْ عَادَ بُطْلَانُ الْوَصْفِ بِالْبُطْلَانِ عَلَى الْمَوْصُوفِ، لِأَنَّا نَقُولُ: مَنْ قَالَ بِالصِّحَّةِ فِي الصَّلَاةِ وَالذَّكَاةِ، فَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ الْمُقَرَّرِ بَنَى، وَمَنْ قَالَ بِالْبُطْلَانِ فَبَنَى2 عَلَى اعْتِبَارِ هَذَا الْوَصْفِ كَالذَّاتِيِّ، فَكَأَنَّ الصَّلَاةَ فِي نَفْسِهَا مَنْهِيٌّ عَنْهَا، مِنْ حَيْثُ كَانَتْ أَرْكَانُهَا كُلُّهَا- الَّتِي هِيَ أَكْوَانٌ- غَصْبًا، لِأَنَّهَا أَكْوَانٌ حاصلة في الدار المغصوبة، وتحريم الغصب3 إِنَّمَا يَرْجِعُ إِلَى تَحْرِيمِ الْأَكْوَانِ، فَصَارَتِ الصَّلَاةُ نَفْسُهَا مَنْهِيًّا عَنْهَا، كَالصَّلَاةِ فِي طَرَفَيِ النَّهَارِ4، وَالصَّوْمِ فِي يَوْمِ الْعِيدِ5.
وَكَذَلِكَ الذَّكَاةُ حِينَ صَارَتِ السِّكِّينُ مَنْهِيًّا عَنِ الْعَمَلِ بِهَا لِأَنَّ الْعَمَلَ بِهَا غَصْبٌ، كَانَ هَذَا الْعَمَلُ الْمُعَيَّنُ وَهُوَ الذَّكَاةُ مَنْهِيًّا عَنْهُ، فَصَارَ أَصْلُ الذَّكَاةِ مَنْهِيًّا عَنْهُ، فَعَادَ الْبُطْلَانُ إِلَى الْأَصْلِ بِسَبَبِ بطلان وصف 6 ذاتي بهذا الاعتبار.