وَبِالصِّيَامِ فِي وَقْتِهِ الْمَحْدُودِ لَهُ أَوَّلًا، وَبِالطَّهَارَةِ الْمَائِيَّةِ، عَلَى [حَسَبِ] مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ1: مِنَ الصِّحَّةِ، وَوُجُودِ الْعَقْلِ2، وَالْإِقَامَةِ فِي الْحَضَرِ، وَوُجُودِ الْمَاءِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْعَادَاتِ وَالْعِبَادَاتِ؛ كَالْأَمْرِ بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ مُطْلَقًا أَوْ لِلصَّلَاةِ، وَالنَّهْيِ عَنْ أَكْلِ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَغَيْرِهَا، إِنَّمَا أُمِرَ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَنُهِيَ عَنْهُ عِنْدَ وُجُودِ مَا يَتَأَتَّى بِهِ امْتِثَالُ الْأَمْرِ وَاجْتِنَابُ النَّهْيِ، وَوُجُودُ ذَلِكَ هُوَ الْمُعْتَادُ عَلَى الْعُمُومِ التَّامِّ أَوِ الْأَكْثَرِ، وَلَا إِشْكَالَ فِيهِ.
وَأَمَّا الثَّانِي:
فَمَعْلُومٌ أَيْضًا مِنْ حَيْثُ عُلِمَ الْأَوَّلُ؛ فَالْمَرَضُ، وَالسَّفَرُ، وَعَدَمُ الْمَاءِ أَوِ الثَّوْبِ أَوِ الْمَأْكُولِ، مُرَخِّصٌ لِتَرْكِ مَا أُمِرَ بِفِعْلِهِ، أَوْ فِعْلِ مَا أُمِرَ بِتَرْكِهِ، وَقَدْ مَرَّ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِيمَا مَرَّ3 مِنَ الْمَسَائِلِ، وَلِمَعْنَاهُ تَقْرِيرٌ آخَرُ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِ "الْمَقَاصِدِ" بِحَمْدِ اللَّهِ.
إِلَّا أَنَّ انْخِرَاقَ الْعَوَائِدِ عَلَى ضَرْبَيْنِ: عَامٌّ، وَخَاصٌّ، فَالْعَامُّ مَا تَقَدَّمَ، وَالْخَاصُّ كَانْخِرَاقِ الْعَوَائِدِ لِلْأَوْلِيَاءِ إِذَا عَمِلُوا بِمُقْتَضَاهَا؛ فَذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَكْثَرِ عَلَى حُكْمِ الرُّخْصَةِ؛ كَانْقِلَابِ الْمَاءِ لَبَنًا، وَالرَّمْلِ سَويقا، وَالْحَجَرِ ذَهَبًا، وَإِنْزَالِ الطَّعَامِ مِنَ السَّمَاءِ أَوْ إِخْرَاجِهِ مِنَ الْأَرْضِ4؛ فَيَتَنَاوَلُ الْمَفْعُولُ لَهُ ذَلِكَ