الموافقات (صفحة 618)

لَا نُؤْتِي السُّفَهَاءَ أَمْوَالَنَا حِفْظًا لَهَا، وَعَلَّمَنَا أَنَّ الطَّلَاقَ شُرِّعَ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ؛ كَانَ التَّارِكُ لِمَا أَرْشَدَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ قَدْ يَقَعُ فِيمَا يَكْرَهُ، وَلَمْ يُجَبْ دُعَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ الْأَمْرَ مِنْ بَابِهِ.

وَالْآثَارُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ تَدُلُّ بِظَوَاهِرِهَا وَمَفْهُومَاتِهَا عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ سُئِل عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا؛ فَتَلَا: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ... } حَتَّى بَلَغَ: {يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطَّلَاقِ: 1-2] ، وَأَنْتَ لَمْ تَتَّقِ اللَّهَ، فلا1 أَجِدْ لَكَ مَخْرَجًا2.

وَخَرَّجَ مَالِكٌ فِي الْبَلَاغَاتِ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَنَّ رَجُلًا أَتَى إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ؛ فَقَالَ: إِنِّي طَلَّقْتُ امرأتي ثماني تَطْلِيقَاتٍ. فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: فَمَاذَا قِيلَ لَكَ؟ قَالَ: قِيلَ لِي: إِنَّهَا قَدْ بَانَتْ مِنِّي. فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: صَدَقُوا، مَنْ طَلَّقَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ؛ فَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ لَهُ، وَمَنْ لَبَّسَ3 عَلَى نَفْسِهِ لَبْسًا؛ جَعَلْنَا لَبْسَهُ بِهِ، لَا تُلَبِّسُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَنَتَحَمَّلُهُ عَنْكُمْ، هُوَ كما تقولون4.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015