أَنْ يَكُونَ مُسْتَنِدًا إِلَى سَبَبٍ مَأْخُوذٍ1 مِنَ الْكَثْرَةِ وَالسَّبَبُ مَوْجُودٌ عَيْنًا بِمَعْنَى أَنَّ الْمَرَضَ حَاضِرٌ، وَمِثْلُهُ لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى الصِّيَامِ وَلَا عَلَى الصَّلَاةِ قَائِمًا أَوْ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ عَادَةً، مِنْ غَيْرِ أَنْ يُجَرِّبَ نَفْسَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؛ فَهَذَا قَدْ يَلْحَقُ بِمَا قَبْلَهُ، وَلَا يَقْوَى قُوَّتَهُ، أَمَّا لُحُوقُهُ بِهِ؛ فَمِنْ جِهَةِ وُجُودِ السَّبَبِ، وَأَمَّا مُفَارَقَتُهُ لَهُ؛ فَمِنْ جِهَةِ أَنَّ عَدَمَ الْقُدْرَةِ لَمْ يُوجَدْ2 عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَظْهَرُ عِنْدَ التَّلَبُّسِ بِالْعِبَادَةِ، وَهُوَ لَمْ يَتَلَبَّسْ بِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ فِي الْعَزِيمَةِ، حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ قُدْرَتُهُ عليها أو3 عدم قُدْرَتِهِ؛ فَيَكُونُ الْأَوْلَى هُنَا الْأَخْذَ بِالْعَزِيمَةِ، إِلَى أَنْ يَظْهَرَ بَعْدَ مَا يُبْتَنَى عَلَيْهِ.
وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّانِي:
وَهُوَ أَنْ تَكُونَ تَوَهُّمِيَّةً، بِحَيْثُ لَمْ يُوجَدِ السَّبَبُ وَلَا الْحِكْمَةُ؛ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ لِلسَّبَبِ عَادَةٌ مُطَّرِدَةٌ فِي أَنَّهُ يُوجَدُ بَعْدُ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ؛ فَلَا يَخْلُو أَنْ يُوجَدَ أَوْ لَا، فَإِنْ وُجِدَ فَوَقَعَتِ الرُّخْصَةُ مَوْقِعَهَا؛ فَفِيهِ خِلَافٌ، أَعْنِي فِي إِجْزَاءِ الْعَمَلِ بِالرُّخْصَةِ لَا فِي جَوَازِ الْإِقْدَامِ ابْتِدَاءً؛ إِذْ لَا يَصِحُّ4 أَنْ يُبْنَى حُكْمٌ عَلَى سَبَبٍ لَمْ يُوجَدْ بَعْدُ، بَلْ لَا يَصِحُّ الْبِنَاءُ عَلَى سَبَبٍ لَمْ يُوجَدْ شَرْطُهُ وَإِنْ وُجِدَ السَّبَبُ وَهُوَ الْمُقْتَضِي لِلْحُكْمِ؛ فَكَيْفَ إِذَا لَمْ يُوجَدْ نَفْسُ السَّبَبِ؟ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي نَحْوِ الظَّانِّ أَنَّهُ تَأْتِيهِ الْحُمَّى غَدًا بِنَاءً عَلَى عَادَتِهِ فِي أَدْوَارِهَا؛ فَيُفْطِرُ قَبْلَ مَجِيئِهَا، وَكَذَلِكَ الطَّاهِرُ إِذَا بَنَتْ عَلَى الْفِطْرِ ظَنًّا أَنَّ حَيْضَتَهَا سَتَأْتِي ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَهَذَا كُلُّهُ أَمْرٌ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَقَدِ اسْتَدَلَّ بعض العلماء على