الموافقات (صفحة 573)

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ:

الْإِبَاحَةُ الْمَنْسُوبَةُ إِلَى الرُّخْصَةِ؛ هَلْ هِيَ مِنْ قَبِيلِ الْإِبَاحَةِ بِمَعْنَى رَفْعِ الْحَرَجِ، أَمْ مِنْ قَبِيلِ الْإِبَاحَةِ بِمَعْنَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ؟

فَالَّذِي يَظْهَرُ مِنْ نُصُوصِ الرُّخَصِ أنه بِمَعْنَى رَفْعِ الْحَرَجِ، لَا بِالْمَعْنَى الْآخَرِ، وَذَلِكَ ظَاهِرٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [الْبَقَرَةِ: 173] ، وَقَوْلِهِ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الْمَائِدَةِ: 3] ؛ فَلَمْ يَذْكُرْ فِي ذَلِكَ أَنَّ لَهُ الْفِعْلَ وَالتَّرْكَ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ أَنَّ التَّنَاوُلَ فِي حَالِ الِاضْطِرَارِ يَرْفَعُ الْإِثْمَ.

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [الْبَقَرَةِ: 184] ، وَلَمْ يَقُلْ: فَلَهُ الْفِطْرُ، وَلَا فَلْيُفْطِرْ1، وَلَا يَجُوزُ لَهُ2، بَلْ ذَكَرَ نَفْسَ الْعُذْرِ وَأَشَارَ إِلَى أَنَّهُ إِنْ أَفْطَرَ؛ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ.

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} [النِّسَاءِ: 101] عَلَى الْقَوْلِ3 بِأَنَّ الْمُرَادَ الْقَصْرُ مِنْ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ، وَلَمْ يَقُلْ: فَلَكُمْ أَنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015