حَالٍ، وَأَصْلُ ذَلِكَ كَوْنُ الْأَعْمَالِ بِالنِّيَّاتِ.
وَالرَّابِعُ:
أَنْ يَفْعَلَ لَكِنْ مَعَ اسْتِشْعَارِ الْمُوَافَقَةِ اخْتِيَارًا؛ كَالْفَاعِلِ لِلْمُبَاحِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ مُبَاحٌ، حَتَّى إِنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مُبَاحًا لَمْ يَفْعَلْهُ؛ فَهَذَا الْقِسْمُ إِنَّمَا يَتَعَيَّنُ النَّظَرُ فِيهِ فِي الْمُبَاحِ، أَمَّا الْمَأْمُورُ بِهِ يَفْعَلُهُ بِقَصْدِ الِامْتِثَالِ، أَوِ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ يَتْرُكُهُ بِذَلِكَ الْقَصْدِ أَيْضًا؛ فَهُوَ مِنَ الصَّحِيحِ بِالِاعْتِبَارَيْنِ, كَمَا أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الْمَأْمُورَ بِهِ أَوْ فَعَلَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ قَصْدًا لِلْمُخَالَفَةِ؛ فَهُوَ مِنَ الْبَاطِلِ بِالِاعْتِبَارَيْنِ، فَإِنَّمَا يَبْقَى النَّظَرُ فِي فِعْلِ الْمُبَاحِ أَوْ تَرْكِهِ مِنْ حَيْثُ خَاطَبَهُ الشَّرْعُ بِالتَّخْيِيرِ، فَاخْتَارَ أَحَدَ الطَّرَفَيْنِ مِنَ الْفِعْلِ أَوِ التَّرْكِ لِمُجَرَّدِ حَظِّهِ؛ فَتَحْتَمِلُ فِي النَّظَرِ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا:
أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا بِالِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ، بَاطِلًا بِالِاعْتِبَارِ الثَّانِي، وَهَذَا هُوَ الْجَارِي عَلَى الْأَصْلِ الْمُتَقَدِّمِ فِي تَصَوُّرِ الْمُبَاحِ بِالنَّظَرِ إِلَى نَفْسِهِ، لَا بِالنَّظَرِ إِلَى مَا يَسْتَلْزِمُ.
وَالثَّانِي:
أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا بِالِاعْتِبَارَيْنِ مَعًا، بِنَاءً عَلَى تَحَرِّيهِ فِي نَيْلِ حَظِّهِ مِمَّا أُذِنَ لَهُ فِيهِ، دُونَ مَا لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِيهِ، وَعَلَى هَذَا نَبَّهَ الْحَدِيثُ فِي الْأَجْرِ فِي وَطْءِ الزَّوْجَةِ، وَقَوْلِهِمْ: أَيَقْضِي شَهْوَتَهُ ثُمَّ يُؤْجَرُ؟ فَقَالَ: "أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ! " 1، وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي كِتَابِ "المقاصد" من هذا الكتاب.