الموافقات (صفحة 525)

فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ1:

فَأَمَّا الْأَوَّلُ:

فَنَحْوُ زَوَالِ الْعَقْلِ بِنَوْمٍ، أَوْ جُنُونٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا، وَهُوَ مَانِعٌ مِنْ أَصْلِ الطَّلَبِ جُمْلَةً؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ تَعَلُّقِ الْخِطَابِ إِمْكَانُ فَهْمِهِ لِأَنَّهُ إِلْزَامٌ يَقْتَضِي الْتِزَامًا، وَفَاقِدُ الْعَقْلِ لَا يُمْكِنُ إِلْزَامُهُ2 كَمَا لَا يُمْكِنُ ذَلِكَ فِي الْبَهَائِمِ وَالْجَمَادَاتِ، فَإِنْ تَعَلَّقَ طَلَبٌ3 يَقْتَضِي اسْتِجْلَابَ مَصْلَحَةٍ أَوْ دَرْءَ مَفْسَدَةٍ؛ فَذَلِكَ رَاجِعٌ إِلَى الْغَيْرِ، كَرِيَاضَةِ الْبَهَائِمِ وَتَأْدِيبِهَا, وَالْكَلَامُ فِي هَذَا مُبَيَّنٌ فِي الْأُصُولِ4.

وَأَمَّا الثَّانِي:

فَكَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، وَهُوَ رَافِعٌ لِأَصْلِ الطَّلَبِ وَإِنْ أَمْكَنَ حُصُولُهُ مَعَهُ، لَكِنْ إِنَّمَا يَرْفَعُ مِثْلُ هَذَا الطَّلَبَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا لَا يُطْلَبُ بِهِ5 أَلْبَتَّةَ؛ كَالصَّلَاةِ، وَدُخُولِ الْمَسْجِدِ، وَمَسِّ الْمُصْحَفِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَأَمَّا مَا يُطْلَبُ بِهِ6 بَعْدَ رَفْعِ الْمَانِعِ؛ فَالْخِلَافُ بَيْنَ أَهْلِ الْأُصُولِ فِيهِ مَشْهُورٌ، لَا حَاجَةَ بنا7 إِلَى ذِكْرِهِ هُنَا، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مَطْلُوبٍ حَالَةَ وُجُودِ الْمَانِعِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ8 كذلك؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015